يلح البائع في السؤال ''هل أقطع السيقان؟'' متناولا سكينا كبيرة معدة خصيصا لهذا العمل الذي أضحى معتادا عليه لدى عديد باعة الخضر المنتشرين في أسواق الجزائر العاصمة أو غيرها، مقرنا عمله بقوله ودون انتظار رد الزبون الذي دفع ثمنا باهظا مقابل كلغ من الخرشوف وبضربة واحدة يقطع تلك السيقان الطوال من الخضروات متخلصا بذلك من نصف وزن السلعة المطلوبة. يستسلم الزبون بعد أن فقد جزءا من نقوده، مستعدا لكي يضيع دنانير أخرى بعد أن قرر شراء الشمر (بسباس) الذي يتميز هو الآخر بطول سيقانه، فضلا عن البصل الذي ينبغي التخلص كذلك من سيقانه الطويلة والكثيرة والشيء نفسه ينطبق على البطاطا أو ثمرة الأرض التي تستحق اسمها لأنها تباع وهي مكسوة بالطين والتراب. أما السلوى الوحيدة التي يعزي بها الزبون نفسه أثناء شراء حاجياته هي كلمة ''أدي ولا خلي'' (خذ أودع عنك)، وهي طريقة من بين أخرى لمواجهة هذا ''الاحتيال'' الذي يتمثل في دفع ضعف ثمن خضروات يذهب معظمها إلى القمامة. في حين أن عديد الزبائن لا ينتظرون إلا أن يقوم أحدهم بتناول الموضوع حتى يصبوا جام غضبهم على التاجر الذي يتهمونه ب''الاحتيال'' والغش في المنتج. في المقابل ينفي هذا الأخير تلك التهم جملة وتفصيلا محاولا إقناعهم أن ما هو إلا آخر حلقة في سلسلة طويلة تشمل عديد المتدخلين، وأولهم المنتج الذي تعود إليه قضية نوعية المنتج. في هذا الصدد يقول البائع ''إنها ليست غلطتي إذا كانت حبات البطاطا التي أبيعها مغطاة ومكسوة بالطين والتراب وأن يكون للخرشوف والشمر (البسباس) سيقان طويلة''، مؤكدا في الوقت ذاته انه هو نفسه ضحية هذه الممارسات وأنه لا يقوم إلا ببيع منتجاته كما اقتناها. وهنا ''يصرخ الجميع متهمين المزارع'' الذي يوزع خضاره على تجار الجملة، ليتدخل بعدها أحد الزبائن المتبصرين العارفين بخبايا الأمور مفندا ومؤكدا انه كثيرا ما يحدث أن يترك أحد الفلاحين غلته كما هي لبعض وكلاء البيع يقومون بأنفسهم بجني المحصول. في حين يرد الزبائن الآخرون بأنه ''يمكن لذلك أن يكون صحيحا'' قبل أن يتفرقوا مفضلين عدم البحث كثيرا في ماهية الموضوع وفك رموزه الغامضة. فيما ذهب أحد الحاضرين الذي يبدو عليه حسن الاطلاع أن المشكل يكون بأي حال من الأحوال قد تكفل به القانون الجديد حول حماية المستهلك الذي صوت عليه المجلس الشعبي الوطني منذ مدة ليست بالبعيدة. فيما يزايد شيخ آخر أن الحل ''يكمن في معايرة الخضر والفواكه فضلا عن مراقبة مستمرة لمسألة الغش في البضاعة وبالتالي تجنب مثل هذا النوع من الوضعيات، حيث يتم غشنا أمام مرأى من أعيننا''. ولتفادي أن يكون المستهلك الضحية باستمرار وجد عمار وسيلة بسيطة تتمثل في عدم شرائه الخضر والفواكه خارج موسمها أو تلك التي لم تبلغ درجة مناسبة من النضج، لأنها عندئذ ستكون إما غير قابلة للاستهلاك إما بمثابة نوع من التبذير.