تمر اليوم الذكرى الثالثة للاعتداء الصهيوني على لبنان ذات صيف من سنة ,2006 حولت فيها آلة الدمار الصهيونية كثيرا من المناطق اللبنانية قاعا صفصفا، في عداون اعتبره الكثير من المحللين والمراقبين عدوانا بالوكالة، استترت تحتها حرب بين دول الممانعة والمقاومة أو بالمختصر المفيد دول محور الشر، وبين دول الاعتدال ومنظري فكرة الفوضى الخلاقة. حرب امتزج فيها السياسي بالديني والاقتصادي، وانخرط فيها حتى حيتان البحر وضفادع المستنقعات، واضطر على إثرها كثير من العرب المهووسين بالسياحة على شواطئ لبنان وتحت ظلال حسناواته، إلى الفرار بجلدهم وقطع عطلهم، وغاضهم كثيرا ما أقدم عليه حزب الله آنذاك من استهداف للجنود الصهاينة، وأغضبهم ما أقدمت عليه المقاومة حتى وصفوا عملها مغامرة غير محسوبة، وانخرط علماء الدين كل طرف ضد غريمه، لاسيما وأن ذات المقاومة خالفت المعهود وانتقلت بكثير من العرب العاربة من حالة الجهاد الأكبر جهاد النفس على شواطئ بيروت وطرابلس أمام الجيش العرمرم من الحسناوات، إلى الجهاد الأصغر، جهاد الدفع ومقاومة العدو عسكريا، وهو ما دندن حوله هؤلاء كثيرا بطريقة أو بأخرى. المهم وبعد مخاضات عسيرة أعقبت انتهاء العدوان وإقرار الصهاينة بخسارة عسكرية واستخباراتية غير متوقعة، وتغير تكتيكي في الخريطة السياسية بالمنطقة، أدرك الناس بعمومهم أن الفوضى الخلاقة أنتجت مقاومة خلاقة غير مخطط لها، وأن إضعاف الأنظمة العربية في المنطقة ولّد بدائل حافظت على استمرار خفقان الوجدان العربي على أوتار المقاومة، والكأس لم تكن ولن تكون في يوم من الأيام فارغة، إن لم يملأها الماء أو العصير أو الدم ملأها الهواء. وقبل هذا وذاك أيقن الغرب قبل الشرق أن بعبع الجيش الذي لا يقهر، وال ''مركافا'' المعجزة خليق بها ولها شيء من الإرادة، وقليل من الشجاعة، وكثير من الصبر، وأقل من القليل من العون، ليتحول الناس في فلسطين وفي كل الأراضي العربية المحتلة من الجهاد الأكبر إلى الجهاد الأصغر، وبعدها لا ضير من التمتع بمياه شواطئ بيروت وغير بيروت ..