أحيانا يشعر الإنسان أنه عبقري ولكن لا يعرف لماذا وكيف؟ طبعا لا أتكلم هنا عن الإنسان العادي.. بل عمن ظهرت عليهم فعلا علامات النبوغ في تاريخ الفن العالمي.. مارغريت دوراس هذه الشخصية الفنية المبدعة المستعصية عن الفهم خير من ينطبق عليه ذلك.. هي نفسها اعترفت ولاحظت أنها نابغة دون أن تعرف بالضبط لماذا لكنها صرحت بالحرف الواحد في فيلم: ''دوراس تصور'' الذي قام لإخراجه ابنها سنة 1981 ''الحاصل أني نابغة ولا أعرف لماذا لكني اعتدت ذلك". أن يعترف شخص بنبوغه شيء لا يحدث أن نصادفه دائما.. لا يمكن لأي كان أن يقر بذلك، ما لم يكن من طراز وحده، مثل هذه المرأة مثلا التي يصفها الجميع بالمرأة المتمردة الأصيلة ''ليس هناك شخص واحد لم تصده مارغريت سواء بلسانها أو بقلمها أو بمواقفها.. في كتابها الموسوم ''العاشق'' اعترفت دوراس ''تاريخ حياتي ليس له وجود'' والغريب أن كل من حاولوا التنقيب والبحث عن تاريخ حياتها دفعوا الثمن إما إفلاسا ماديا أو خسارة فنية .. ولجت دوراس مجال الكتابة الروائية إلى جانب ممارستها لفن التمثيل سنة 1943 ، وتحصلت على جائزة ''جونكور'' بعد أربعين سنة من التاريخ المذكور.. كتبت هذه المرأة الأسطورة بطريقة متفردة وبمنطق ''كتابة ما لا يكتب'' و''قول ما لا يقال'' قال عنها الكاتب دانيال لوران ''لقد لقنتني حب الحرية وعلمتني أيضا عدم اليأس إطلاقا.." مواهب دوراس المتفجرة والمتشعبة أدخلت عشاقها في دوامة مضنية ودوّخت محبيها، بحيث لا أحد منهم تمكن من معرفة فيم يكمن سحر هذه المرأة وفيما تتمثل عبقريتها.. الكل مهووس بها مفتون بجنونها ولكن لا أحد قدم الإجابة عن هذا السؤال اللغز حول هذه المرأة الأسطورة.. ألا يكون عداؤها وانتقامها من اليأس هو السبب؟