انخرطت الآنسة سعيداني أحلام في موجة العمل التطوعي وهي في السنة الأولى من مشوارها الجامعي، قالت إنها ومنذ صغرها انجذبت نحو هذا المجال من خلال ما كانت تشاهده من أشرطة وحصص تلفزيونية حول التطوع وعمل الخير سواء في الجزائر أو خارجها، كما ساعد الجو والمحيط الذي ترعرعت فيه أحلام لدى ولوجها هذا العالم الذي، حتى وإن عرف تطورا في مجالات عدة، إلا أنه لا زال مقيدا ومنحصرا على الرجال في بعض المناطق من ولاية البويرة مسقط رأسها، فلم يتمكن أهل المنطقة من تغيير نظرتهم الدونية للمرأة التي يجب، حسبهم، ألا تكسر الأعراف والتقاليد بمحاولتها اقتحام مجالات تبقى حكرا على الرجل ، فمن حقها أن تقوم بعمل الخير كما تشاء داخل أطر مقيدة بالتعامل مع النساء فقط دون أن تقتحم عالم العمل الجمعوي الذي يبقى في نظرهم ذكوريا. احتكاكها بجمعية ''توجية'' بجامعة تيزي وزو التي تنشط في مجال التحسيس والتوعية الطبية، سمح لها باكتساب خبرة لمدة سنتين كاملتين واجهت خلالها سخرية المقربين منها ومحيطها عموما، فحاولت الانتقال إلى فرع الجمعية بالبويرة ومن ثم التغيير والانخراط في جمعية محلية أخرى تنشط في مجال مغاير إلا أنها لم توفق في ذلك، مرجعة إياه إلى عدة عوامل على رأسها قلة عدد جمعيات المجتمع المدني وافتقارها إلى الموارد اللازمة لتحقيق أهدافها على أكمل وجه، فتبقى منشغلة في حل مشاكلها الداخلية عن القيام بمهمتها الرئيسية. رغبة أحلام الشديدة في الانخراط في إحدى الجمعيات والعمل كمتطوعة كانت اكبر من كل عائق، وفتحت أمامها الفرصة بالتقائها صدفة بأحد أفراد عائلتها من الناشطين في الجمعية الجزائرية للتنظيم العائلي، فكانت انطلاقتها في العمل التطوعي المهيكل والمنظم محتشمة في البداية، ومع مرور الوقت ونظرا لنوعية المواضيع التي تعالجها الجمعية وتحاول تسليط الضوء عليها والتي لا زال بعضها يعد، إلى حد الآن، نوعا من الطابوهات، انغمست أحلام أكثر فأكثر في هذا النشاط محققة غايتها في أن تكون شخصا فعالا ومفيدا في المجتمع دون انتظار الحصول على مقابل أو كلمة شكر. وبقيت هذه الشابة المتطوعة تنشط منفذة كل ما يطلب منها في إطار الجمعية، متحدية كل الصعاب التي واجهت الجمعية على المستوى الولائي من ناحية المواضيع التي كانت تتناولها خاصة في مجال الصحة المزدوجة الجنسية والإنجابية والتي رأى فيها العديد أنها خروج عن العرف والتقاليد، واكتسبت خبرة واسعة في مجال العمل التطوعي إلى درجة اختيارها لتكون ممثلة عن شباب المنطقة العربية في الاتحاد الدولي للتنظيم العائلي، كما نشطت أحلام أيضا في صفوف الهلال الحمر الجزائري والجمعية الولائية للمتبرعين بالدم بالبويرة. وعادت أحلام من جديد لتحدثنا عن الروح التطوعية لدى الشباب الجزائري عموما وشباب البويرة خصوصا، مؤكدة أن هذه الروح جد محدودة، ما يستدعي العمل على تعميمها ونشرها بطريقة أوسع، وخير دليل على انحصار ومحدودية هذه الروح عدد الشباب المنخرطين بأندية الصحة الشبابية بالولاية التابعة للجمعية الجزائرية للتنظيم العائلي حيث تراجع إلى اثنين بعدما كان 25 لأن غالبيتهم قد تجاوزوا سن ال 25 سن، فلا يسمح لهم القانون الداخلي للجمعية بالاستمرار في العمل معها، ولم تتمكن إلى حد الآن من إيجاد متطوعين آخرين بنفس الكثافة فقد ارتفع العدد مجددا في الفترة الأخيرة ليصل 8 أشخاص فقط. ومن جملة المشاكل التي تعيق الشباب المتطوع في العمل بنادي الصحة الشبابية بالولاية نجد، قالت أحلام سعيداني، عدم ثقة المسؤولين بالشباب من منطلق أن الشباب تنقصهم الخبرة في مواجهة المواقف الصعبة، وبالتالي لا تحظى الجمعيات التي تتألف تركيبتها الكبرى من الشباب من الدعم المادي الكافي لتحقيق الهداف التي أنشئت من أجلها جمعياتهم.