مشاهد مثيرة تشمئز لها الأنفس تراها وأنت تتجول في الأزقة الضيقة بالأحياء الشعبية وبالضبط تلك الأسواق التي تباع فيها كل مستلزمات الشهر الفضيل، فأول ما يثيرك هو وجود أطفال مختلفة أعمارهم، ملابسهم البالية توحي بفقرهم وعوزهم الشديد حاملين بعض الأكياس وأمامهم طاولات صغيرة يعرضون فيها بعض السلع البسيطة. لم تجد بعض العائلات معدومة أو المحدودة الدخل من طريقة لمواجهة مصاريف الشهر سوى دفع أبنائها للمساعدة للعمل وذلك بتشغيلهم في كل ما يمكن أن يباع خلال شهر رمضان من خبز المطلوع والديول والقطايف وغيرها إضافة إلى بعض الحلويات التقليدية. وأنت مار بين هؤلاء الأطفال تجدهم يتهافتون عليك وكأنهم يترجون منك الشراء مقابل بضع دنانير ومما يحزنك أكثر أن هؤلاء الأطفال، قد سلبت منهم براءتهم سلبا فبدل قضاء عطلة صيفية في شواطئ البحر أو في المخيمات الصيفية للعب واللهو والسمر نجدهم مع الكبار يصارعون الجوع وحرارة الشمس ومضايقات البعض. ولكن بالرغم من كل هذا نجدهم يكافحون من أجل سد رمق عائلاتهم الفقيرة وخاصة ونحن في هذا الشهر المبارك. أسعار السلع ملتهبة فلا يمكن لهؤلاء الأطفال سوى الصبر والتحايل على الزبائن لإقناعهم بأية وسيلة لشراء بضاعتهم. ولقد أوضحت المعاينة الميدانية التي قمنا بها على مستوى مختلف الأحياء بأن عمالة الأطفال تزداد بشدة في فصل الصيف، وحسب الآراء فإن عددا منهم يحصر نشاط عمله خلال العطل المدرسية فقط ولاسيما في عطلة الصيف، في حين أن الأطفال الآخرين يزاولون نشاطهم طوال العام بفعل تسربهم المدرسي، كما أن المعطيات تشير إلى أن الظاهرة تزداد سوءا في شهر رمضان. لاحظنا أثناء جولتنا على مستوى سوق ''باش جراح'' وسوق ''كلوزال'' بوسط العاصمة حضورا كبيرا للأطفال الصغار الذين يبيعون مختلف السلع كالفلان والحشيش والمعدنوس والسبانخ والحمص، وآخر يحمل بين يديه خبز المطلوع وآخر يحمل الفطير وغيرها، إضافة إلى ذلك الغياب الواضح للسلطات الرقابية إضافة على احتلال أطفال آخرين الشوارع ومواقف الحافلات حاملين أكياس من الحلوى وأغراضا أخرى لبيعها للمارين وهناك من يلجأ إلى هذا العمل خلال العطل المدرسية فقط لتوفير مصروف يومه، ويذكر بأن مصلحة المراقبة والتربية على مستوى مديرية النشاط الاجتماعي صرحت بأن هناك أطفالا مستغلين من طرف أوليائهم بطريقة سيئة حيث تم تسجيل 43 طفلا من بينهم 6 إناث يستغلون كباعة متجولين و45 حمالا يستغلون في شحن مادة الإسمنت من الشاحنات و7أطفال يعملون في مزبلة ''باش جراح'' بجمع بعض البقايا التي يعاد تصليحها وبيعها. فليت النظرة لهذه الفئة البريئة تتغير إلى نظرة عطف وحنان ولا تستغل طفولتهم من أجل المصالح الشخصية التي لا حدود لها.