استطاعت حصة المجلة الإذاعية ''نبض المجتمع'' المقدمة على أمواج إذاعة المسيلة الجهوية، قبيل شهر رمضان الكريم أن تستقطب العديد من المستمعين بشكل ملفت، نظرا لطبيعة المواضيع المتطرق لها، والتي تتعمق في القضايا التي تهم المجتمع، وطرحها للمناقشة بجدية وشفافية مع المواطن، وازداد الاهتمام بها خاصة في هذا الشهر الكريم، أين عالجت مواضيع متعددة، وغصت بعمق في يوميات الصائم من جميع النواحي المعيشية، وما يريده ... ولهذا حاولنا التقرب من معد هذه المجلة الإعلامية الإعلامي بركاتي السحمدي، وأجرينا معه هذا الحوار. كيف جاءت فكرة البرنامج؟ ** في البداية أشكر جريدة ''الحوار'' على الاستضافة والاهتمام بهذه المجلة الإذاعية، وفكرة المجلة الإذاعية ''نبض المجتمع'' ولدت قبيل شهر رمضان، وبالضبط ضمن الشبكة البرامجية الصيفية لإذاعة المسيلة، وهي الآن متواصلة مع مواضيع الشهر الفضيل، أما عن الفكرة في حد ذاتها فهي مستوحاة من السياسة العامة للإذاعة الجزائرية التي ترمي إلى تثمين ودعم البرامج الجوارية والتفاعلية، والتي تهتم بالمواطن في جميع تفاصيل حياته اليومية، ومحاولة الاقتراب منه كي تكون الإذاعة جزءا لا يتجزأ من اهتماماته، ولا يمكن أن يستغني عنها بالنظر لطبيعة المواضيع التي تعالجها المجلة، فمن خلال كل هذه المنطلقات جاءتني الفكرة ووجدت بأن القالب الإذاعي الذي يتناسب مع هذه الرؤى هي المجلة، فاقترحت الموضوع على مدير المحطة ناصر وقلال الذي رحب بالفكرة، وكذا زملائي فريد رداوي، خالد بن صالح، فائزة فرحات الذين شاركوني الرؤية، وانخرطنا سويا في إعداد وتحرير وتقديم المجلة. وماذا عن محاور أركان المجلة وكيفية الوصول إلى المادة الإعلامية؟ ؟أركان المجلة مستوحاة من العنوان ''نبض المجتمع'' الذي يحيل المستمع على ماهية المواضيع التي يطرحها، فالحياة بكل تفاصيلها وجزئياتها وديمومتها وحراكها أشبه ما تكون بالقلب الذي تدور حوله الدورة الدموية التي تغذي الجسم بكافة أجزائه، فكذلك المجتمع يشبه الجسد وحركة الإنسان على مسرحه تعتبر نبضا لهاته الحياة، ومن ثمة حاولنا أن نلامس المحاور الكبرى لاهتمامات المواطن. المجلة تتضمن أربعة أركان، أولا قضية وميكرفون، أقدمه شخصيا يعالج مواضيع اجتماعية تندرج ضمن اهتمام المستمع، ويتطلع لمناقشتها وطرحها بشكل جدي وبشفافية عالية، ونحاول أن نتعمق أكثر في المجتمع ونطرح قضايا هامة وحاسمة، على اعتبار أن الإذاعة المحلية عملها جواري بالدرجة الأولى (طبعا) في إطار العرف والأدب العام للمجتمع، وعدم اعتماد سياسة التهريج والترويج، أما في شهر رمضان فالمواضيع شتى ومتعددة حاولنا ونحاول الاقتراب أكثر من يوميات الصائم، من ناحية ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، السهرات الرمضانية، الأطباق الفنية والتلفزيونية التي يفضل متابعتها الصائم، الفقر والتسول... فالمواطن بحاجة ماسة إلى مثل هذه المنابر لإسماع كلمته وصوته، أما الركن الثاني ''قيم مفقودة'' يشرف على تقديمه فريد رداوي، وعلى اعتبار أن منطقة المسيلة زاخرة بالقيم النبيلة والخلال الجمة التي تطبع سلوكيات وأنماط معيشة وتفكير المواطن المسيلي، على مر العصور وبالنظر لانفتاح المجتمع على الآخر من خلال الوسائط الإعلامية الحديثة التي ساهمت في تحديثه شأنه في ذلك شأن المجتمع الجزائري، مما نتج عنه غياب كثير من القيم في معاملاتنا اليومية، فالركن يساهم في تعرية الواقع الذي تنازل بسهولة عن قيمه المتوارثة ويرصد الأسباب الكامنة وراء انسحاب هذه القيم من معجمنا المعاصر. وفي رمضان يسهم الركن ويشيد ببعض القيم التي تظهر في شهر الرحمة كالتكافل الاجتماعي والصدقات والسهرات العائلية، واللمة الأسرية على مائدة الإفطار، وظاهرة انتشار المحسنين قبيل الآذان من أجل إفطار المسافرين، وهذا طبعا من خلال النزول الميداني والتسجيل مع المعنيين بالموضوع، أما الركن الثالث ''لمسة وحكاية'' تقدمه فائزة فرحات يهدف إلى إبراز الفنون اليدوية والتقليدية التي تتميز بها المنطقة، وحكاية اعتناق المجتمع لهذه الفنون على الرغم من المنافسة التي تشهدها من قبل الصناعات التحويلية، إضافة إلى تبيان عادات وتقاليد المجتمع في الحفاظ على الكثير من الممارسات التي تطبع هويتنا في المناسبات والأعياد والأعراس، التي غدت مهددة في وقتنا الراهن جراء القصف الإعلامي المتواصل والمغري من خلال الأفلام والمسلسلات التي تبشرنا كل يوم بعادة جديدة وموضة حديثة، سرعان ما تجد مجتمعنا يهرول نحوها فاتحا لها الأحضان معتنقا إياها سواء في اللباس أو الأكل أو الممارسات والعلاقات المجتمعية و...، فالركن يحاول تتبع أسباب الميل الكبير للمجتمع خصوصا فئة الشباب وراء الموضات الحديثة، تحت أي غطاء كان عولمة أو حداثة أو حضارة، وتمايز آراء الناس في القضية، باعتبار أنه مازال ثمة ثلة من المجتمع في الخط الأمامي ثابتة لحراسة عاداتنا من التلف والضياع، أما الركن الثالث ''على الهامش'' يقدمه خالد بن صالح، تعرف أن ثمة فئة مجتمعية هائلة في الجزائر تعيش على هامش الحياة بعيدة عن الأضواء، تحيا وتعمل في صمت وترحل في صمت، على الرغم من الخدمات الجليلة التي تقدمها للمجتمع، إلا أن الناس لا يعيرون لها اهتماما ولا يلقون لها بالا، إضافة إلى وجود فئة مسحوقة تعيش تحت خط الفقر لا تعرف في قاموسها اليومي كلمة الشبع أو التخمة، تقتات من موائد الآخرين وما تفرزه القمامات العمومية، والبعض الآخر ينطبق عليه ما جاء في القرآن الكريم ''يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف''، الركن يحاول أن يقتحم هامش هؤلاء ويقترب من عوالمهم المليئة بالغرائب والعجائب، ويرصد دقائق حياتهم وأنماط معيشتهم، ونقلها إلى المستمع الكريم بكل شفافية ومصداقية. كيف وجدتم تجاوب المستمع والجمهور بشكل عام مع محتوى المجلة والمواضيع المطروحة؟ ** تعرف بأن البرامج التفاعلية الإذاعية لها وسائل عدة، وأكثرها اعتمادا في الإذاعات المحلية على الهاتف الذي يسهل عملية الاتصال بين المستمع والإذاعة، لكن نحن في تجربتنا أردنا أن نذهب إلى المواطن وننزل إليه في بيته ومتجره وحيه وشارعه وقريته وعالمه، ونسجل معه ونتركه يعبر عن رأيه في المسائل المطروحة للحوار، لأننا تعودنا في العمل الإذاعي من خلال البرامج التي تعتمد على الهاتف فقط يكون المتصلون معروفين لدى السامع الكريم، وكثيرا ما تتكرر مشاركاتهم في كل البرامج التفاعلية، حقيقة وجدنا تفاوتا في الجمهور من ناحية المشاركة مع المواضيع المطروحة، وذلك حسب المستوى والثقافة والبيئة التي يعيش فيها، إضافة إلى طبيعة الموضوع، فإذا كان يخص كل فئات المجتمع فالمشاركة تكون مكثفة ومتنوعة، وإذا كان يمس شريحة معينة فالتسجيل يكون مع الشريحة النموذج للعدد، وإجمالا أستطيع القول إن الناس اليوم تبحث عمن تفضي إليه بهمومها ويشاركها معاناتها فأصبحت الإذاعة متنفسا لهم ورقما هاما في معادلة وسائل الاتصال والاستماع لنبض المجتمع. ما مدى نجاح مثل هذه البرامج التفاعلية التي تقدمونها لحد الآن محليا؟ ** الحكم يعود أساسا للسامع الكريم، ولكن من خلال نزولنا للشارع المسيلي ورصد آرائه في مواضيع تخص المجلة، نلمس منهم رضى عما نقدمه في ''نبض المجتمع'' والحمد لله، إضافة إلى التعليقات التي تأتينا من المستمعين عبر الموقع الإلكتروني لإذاعة المسيلة، وهذه الأصداء كلها تزيدنا إحراجا أكبر لأنها تطالبنا بتقديم الأفضل دوما من ناحية المواضيع التي تلامس حقيقة المجتمع ومن ناحية الطابع الإخراجي للمجلة (الذي يشرف عليه المخرج فريد رداوي) لأن الحجم الزمني للمجلة هو 52 دقيقة بأربعة أركان فيجب أن تكون مهضومة ومستساغة، بحيث لا يحس المستمع بالملل والضجر والرتابة ساعة بث البرنامج، ولذلك فإننا نحاول اختيار الفواصل الموسيقية وأساليب الأداء والتقديم بعناية فائقة قدر الإمكان. وما هي برامجكم المستقبلية ورؤياها الجديدة؟ ** على مستوى المجلة ''نبض المجتمع'' رجائي أن تتواصل بمثل ما بدأت به وأكثر سواء من ناحية مواضيع الأركان أو من ناحية الشكل الإخراجي لها، والأمل يحدوني كما يحدو زملائي في المجلة أن نكون رقما مهما كما ذكرت سلفا في مشاركة المجتمع همومه، ومشاكله، نحاول جاهدين بكل صدق نقل انشغالاتهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم وأن نحوز ثقتهم ومحبتهم ومصداقيتهم. أما على المستوى الشخصي فالنجاح هو طموح أي عامل في حقل الإعلام، والتوفيق في كل ما أقدمه عبر أمواج الإذاعة، وأن ينالني جزء من رضى المستمع المسيلي. كلمة أخيرة تودون قولها ؟ ** في الحقيقة التفاتتكم هاته تجاهنا أسعدتنا كثيرا وهو ما يجعلنني أختم كلامي بتوجيه الشكر لجريدتكم الغراء من خلال تخصيصها لي هذه المساحة، متمنيا أنني وفقت في تقديم للقارئ بعض ما تقدمه إذاعة المسيلة على المستوى الاجتماعي، ورمضانكم كريم