''يوم رائع للموت'' للجزائري سمير قسيمي الممثل الوحيد للمغرب العربي تدخل السباق بقوة أعلنت لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية (''البوكر'' العربية) لسنة ,2010 منتصف نوفمبر أسماء الروايات المرشّحة لنيل الجائزة، السنة المقبلة، وذلك إثر سلسلة جلسات مناقشة عقدها الأعضاء في القاهرة. وقد تمّ اختيار 16 كتاباً من أصل ,115حيث ضمت القائمة إسما جزائريا ومغاربيا واحدا هو للروائي الجزائري سمير قسيمي الذي رشحته جمعية الإختلاف على روايته ''يوم رائع للموت''. وتعد رواية ''يوم رائع للموت'' ثاني عمل للروائي قسيمي بعد روايته الأولى الصادرة عن منشورات البيت للشاعر أبو بكر زمال الموسومة ''تصريح بالضياع'' ويعد سمير قسيمي الذي عرفه الوسط الأدبي بمقالاته النقدية الجريئة على صفحات ''المحقق'' قد بدأ مشوراه الأدبي كشاعر وله ديوان سيصدر قريبا عنوانه ''خمسة أشكال من الروتين'' لكن الرجل عرّج فجأة الى كتابة الرواية وصدرت له روايتان متتاليتان في ذات السنة تتميز الواحدة عن الأخرى، وتختلف اللغة بين هذه وتلك بشكل يوحي أنهما لكاتبين مختلفين وهو ما عزز حضوره كروائي بفضل تميز أسلوبه الروائي الذي ظهر به مختلفا عن سابقيه شكلا و مضمونا ، ثم بفضل التقنية المتفردة المستعملة في كتابة الروايتين طريقة السرد التي تقترب من السحر . فقد عرف قسيمي كيف يقدم للقارئ حبكة روائية متمنطقة في إيهاب الحكواتي بواسطة سرد لا مهادن في تقديم وقائع الحكاية من جهة ، وبفضل التقنية العالية في صناعة حبكة الحكاية في حد ذاتها المستمدة تقنيتها من الأنموذج الألماني الذي نقرأه في روايات غونتر غراس من حيث تقاطع الأزمنة وأخذ من ريلكه السرد الفضفاض في إيهابه الشاعري، كما أن جانبا من الخلطة الروائية تفوح برائحة سرد البيروفي ماريو فارغاس يوسا في روايته '' من قتل بالومينو موليرو؟''من حيث التحليق عاليا بعيدا عن الواقع قريبا من السحر التي تمنح للقصة نكهة اللامعقول ، وتزيد من توتر الذات القارئة ثم أن ظلال الروائي حنا مينة لا تكاد تفارق محيانا على طول صفحات الرواية، من حيث شبق الحكاية التي تصل حد اللذة كالتي نقرأها في ''نهاية رجل شجاع''. لقد عرف سمير قسيمي كيف يعجن قراءاته المتميزة لكبار الروائيين العالميين شرقا و غربا ، عربا و غربيين ليقدم لنا تلك الخلطة السحرية في ''يوم رائع للموت'' وعزز ذلك تمكن الرجل من اللغة وتوظيف ''الدارجة'' الجزائرية التي يعتبرها البعض من جيراننا نشازا ، ويتم الاستعانة في أغلب الأحيان بالترجمة لتستقيم أذن المستمع العربي ''الآخر'' لفهم خطاب الجزائري. لقد انتصرت رواية سمير قسيمي للهامش بعد تقديمها شخوصا هامشية من عمق المجتمع الجزائريا في اسفل درك ممارساته الفكرية و الأخلاقية، وشكّل عالم ''الحومة'' الجزائرية بكل محمولاتها بدءا من المدنس ووصولا إلى الديني سواء في العلاقات الإجتماعية أو العائلية فتقرأ مثلا عن ''باش جراح'' و''الحراش''، عن السيس كانز 615 أو كيف عارض والد عمار الطونبا بإلحاح خطبة إبنه على نيسة بوتوس، التي كانت في الحقيقة عشيقته مصرحا لزوجته قائلا بدارجة جزائرية : ''ما يكلش وليدي من الخبزة الي كلا منها باباه'' تعبيرا عن أنه كانت تربطه بها علاقة جنسية معها وفي نفس الوقت كان ابنه عمار الطونبا على علاقة بها .. الصور كثيرة وكثيفة، و إن كان الروائي وظف عالم ''الحومة'' التي يحكمها عمار الطونبا ''برجوليته''في روايته ''يوم رائع للموت'' فالحكاية في الحقيقة لم يكن بطلها الطونبا، ولا نيسة بوتوس'' بل بطلها شخص مثقف خرج منهزما من علاقة عاطفية بعد اكتشافه خيانة من حسبها يوما زوجة العمر، صدفة في إحدى الحانات العاصمية .. فقرر وضع حد لحياته بأن يرمي بنفسه من إحدى عمارات ''وكالة عدل'' بالكاليتوس . لحظة انفصلت قدماه عن الحافة إرتابه الشك في قراره الأخير، لكنه مع ذلك رمى بنفسه ليفتح الروائي خلال تلك الثواني التي تمثل التوقيت الصحيح لسقوطه من أعلى العمارة 200 صفحة من الحكي اللذيذ ... لا شك في أن تقاطع الحكايات انطلاقا من هذا الخط الروائي سيدخل القارئ عوالم سمير قسيمي، التي تفوق لذتها العوالم السحرية لأمريكا اللاتينية، ففي الأخير أليس من حقنا أن نحكي عن عوالمنا الجزائرية التي تفوق غرابتها عوالم الآخرين. مع العلم ، تتألف لجنة التحكيم التي اختارت الروايات المرشّحة للجائزة من خمسة أعضاء من أوروبا والعالم العربي. وكالعادة سوف يُعلن عن أسماء الأعضاء بالتزامن مع اللائحة القصيرة التي يتمّ إعلانها في بيروت اليوم 15 ديسمبر ,2009 في مؤتمر صحافي يُعقد في إطار معرض بيروت الدولي للكتاب. أما اسم الفائز فيُعلن في احتفال يقام في أبو ظبي، مساء الثلاثاء 2 فيفري ,2010 وهو اليوم الأول لمعرض أبو ظبي العالمي للكتاب. فحظ موفق للرواية الجزائرية.