فتحت أول أمس الخميس محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة ملف قضية التبديد التي طالت مؤسسة اتصالات الجزائر بثغرة مالية قدرت بأزيد من 1000مليار سنتيم عن طريق قرصنة الخطوط الهاتفية بداية من سنة 2000 واستمرت إلى غاية 2004 تاريخ اكتشاف الجناية بعد الشكاوي التي تلقتها المؤسسة من الضحايا الذين تأسسوا فيما بعد كأطراف مدنية في القضية، بعد المبالغ الخيالية التي حملتها الفواتير مجملها اتصالات دولية. وكان على رأس الضحايا سفارة الأرجنتين ومؤسسة سوناطراك ومديرية السياحة لولاية الجزائر، بالإضافة لخطوط بعض المواطنين، القضية متابع فيها 36 متهما، 17 منهم فلسطيني الجنسية وسائق السفير العراقي والبقية إطارات جزائرية تعمل في مؤسسة اتصالات الجزائر. المتهمون الذين لا يزال البعض منهم في حالة فرار متابعين بجناية تبديد أموال عمومية والاستغلال العمدي والشخصي ولفائدة الغير لأموال الدولة، والرشوة وجنحة إنشاء واستغلال شبكة عمومية للمواصلات السلكية واللاسلكية دون رخصة، وتحويل خطوط هاتفية واستغلالها وانعدام التصريح في استغلالها وجناية المشاركة في التبديد، وقد كشفت التحقيقات أن قرصنة الخطوط الهاتفية بدأت منذ سنة 2000 بمناسبة استبدال النظام التماثلي بالنظام الرقمي أين قامت إطارات سامية أغلبهم تقنيون بمؤسسة الجزائر للاتصالات باستغلال الخطوط ومنحها لرعايا فلسطينيين مقابل مبالغ مالية خيالية، وأجريت بواسطة هذه الخطوط مكالمات دولية امتدت إلى آسيا وأمريكا اللاتينية. وقد اعترف المتهمون الموقوفون بالتهم المنسوبة إليهم عند مصالح الضبطية القضائية، فالمتهم الرئيسي (م.علي) اعترف بصفته تقنيا بالمراكز الفرعية لتوزيع الخطوط الهاتفية بالعاصمة أنه اشترك مع المتهمين الآخرين في نصب أربعة خطوط هاتفية بطريقة غير قانونية بحي تليملي، وكان يتلقى في البداية 500 دج وتحصل من المتهم الفلسطيني (ق.هاني) وهو من بين الأشخاص الحائزين على الخطوط المقرصنة على مبالغ تراوحت ما بين 50 ألف إلى10آلاف دينار على كل عملية إصلاح. أما المتهم (ج.محمد أمين) وهو صاحب ''بيتزيريا'' فقد صرح أن المتهم السابق كان ضمن الفريق التقني لاتصالات الجزائر في تركيب الخطوط الهاتفية المقرصنة لفائدة شركائه على مستوى وكالته العقارية بشارع ديدوش مراد مقابل مبالغ ورشاوي وصلت إلى 7ملايين سنتيم للخط الواحد شهريا، وأضاف المتهم (ب.سعيد) عند الحضور الأول بصفته تقنيا بالبريد المركزي بالعاصمة كان يتلقى مبالغ مالية تتراوح قيمتها من300 إلى1000دج مقابل كل عملية إصلاح يشارك فيها. وأكد أن كل من المتهمين (ق.نور الدين) و(ب.سيد أحمد) هما الشخصان الوحيدان اللذان يقومان بتحويل الخطوط الهاتفية بطريقة غير شرعية كونهما يعملان بخزانة التحويلات الهاتفية بمركز بن مهيدي. وقد اعترف المدعو نور الدين بفعلته أين أكد أنه زود عددا من الفلسطينيين بخطوط استعملت لإجراء مكالمات دولية، كما اعترف في جميع مراحل التحقيق بقيامه بتركيب جميع الخطوط المحولة بطريقة غير شرعية على مستوى شارع كلود ديبيسي ومحمد الخامس. كما أكد أن العنوان31 شارع محمد الخامس هو عنوان خيالي لزبون إذ لا يوجد هذا الرقم بتاتا لأن الشارع يتوقف في الرقم.29 في حين أدلى المدعو(ح.توفيق) الذي يعمل تقني فرع البريد والمواصلات بحيدرة بأنه تعرف على رائد الفلسطيني الذي عرض عليه تزويده بخطوط هاتفية المفروض أنها ملغاة بينما هي لا تزال تعمل بطريقة غير قانونية في تجارة الاتصالات على مكتب هاتف عمومي دولي غير شرعي بمقابل قدره 15000دج شهريا للخط الواحد، وزوده بأربعة خطوط أوصلها بشقته الكائنة بشارع الصنوبر بحيدرة. وأضاف له أربعة خطوط أخرى فيما بعد وأنه التحق بهم العراقي(غانم.ر)الذي يعمل سائقا للسفير العراقي بالجزائر هذا الأخير الذي اعترف أنه اشتغل لحساب المتهمين في تحويل المكالمات الهاتفية بطريقة غير شرعية، كما أن المتهمين الفلسطينيين الذين تعددت مهامهم في الجزائر فقد اعترفوا باستغلالهم للخطوط المقرصنة من بينهم أبو طه باعتباره طالبا جامعيا الذي كان يتصل بعائلته عبر خط غير مرخص. واعترف أن الفلسطينيين الذين تعودوا على التجمع في مقهى ''إفريقيا'' بشارع ديدوش مراد استفادوا كلهم من الخطوط المقرصنة بإجراء مكالمات دولية، أما الشهود في القضية فأكدوا على أنه تم اكتشاف تحويل ثلاثة خطوط بطريقة غير قانونية تابعة لرئاسة الحكومة، وهو الاكتشاف الذي فجر القضية. الأطراف المتضررة في القضية تأسسوا كأطراف مدنية من بينها سفارة الأرجنتين التي تعرضت خطوطها للقرصنة بعد تغيير مقرها من شارع حماني إلى حيدرة، وكذلك الأمر بالنسبة لمديرية السياحة ومؤسسة سوناطراك، بالإضافة إلى مواطنين استغلت خطوطهم بطريقة غير قانونية. تجدر الإشارة إلى أن القضية تأجلت خلال الدورة الجنائية الماضية بسبب غياب بعض المتهمين المتواجدين بسجون خارج العاصمة. أما عن تفاصيل المحاكمة التي استغرقت ساعات طويلة فقد تباينت خلالها تصريحات المتهمين، حيث أصر أغلبيتهم على الإنكار والتهرب من المسؤولية خلال مواجهتهم بالتهم المشار إليها أعلاه من قبل القاضي.