الوقت العربي ما عاد يدور وما عاد يمر إلا مرتبكا .. مفككا .. لا يدري ما الذي يفعله بنفسه ..ما الذي يفعله بعقوده .. بسنينه..بشهوره ..بساعاته .. الكل يمر على هامش التحولات والأحداث التي يشهدها العالم وتعيشها المنطقة العربية .. الأسئلة الحضارية في تضخم .. مطرد تنتظر من أهل الفكر والثقافة والاستنارة أن يتعاطوا معها ..أن يواجهوها بالموقف الصحيح .. في الموقع الصحيح ..أن يتعاطوا معها بالشكل الصواب .. بالشكل الأصلح والأكرم لأمة تعيش إفلاسها الحضاري والاقتصادي والسياسي وتكابد غبنها التاريخي بصبر مر .. وصمت صعب وانتظار مواظب .. ليس ثمة من هو مؤهل للإنخراط فكريا وثقافيا وإنسانيا في هكذا مرحلة من أجل استنبات مفاهيم جديدة واستخلاص رؤى أخرى لأشياء ومكونات هذا الواقع المضطرب .. مثقف اليوم عليه ان يطالب نفسه قبل أن يطالبه غيره بتبني نمط مختلف وطريقة مغايرة لمحاورة زمنه والتعاطي مع تقلباته وتهريجه وإفلاسه الخطر الذي لعب بكرامتنا وآمالنا كعرب..كعنصر بشري فقد مشيته وضيع وجهه ووجهته ..فوجد نفسه ملحقا بهذا العالم ..وما عاد يعرف كيف السبيل للخلاص من أخطبوط الفوضى والعجز الجاثم على كيانه وأيامه .. فتخربت آليات وعينا وفكرنا .. اللحظة العربية حاسمة وصعبة على جميع الأصعدة وهي تتطلب أن يعيد المثقف اكتشاف نفسه .. وأن يضعها في الوجهة الصواب التي تمكنه من تطوير علاقته مع الكلمات وتحريك الأشياء .. وقد يحتاج من أجل ذلك إلى أكثر من انقلاب على نفسه وواقعه حتى يصبح كافيا ومؤهلا لمواجهة مرحلته الزاخرة بالخراب والهدم النفسي والحضاري والسياسي والاقتصادي للمجتمعات العربية .. الأمة العربية في هكذا مرحلة ليست أكثر من نظام متكامل من الهزائم والسقوط والوهن الاقتصادي والإنساني نظام راكد قابع أمام نظام عولمي شرس .. أزمة مثقف اليوم أزمة موقع وموقف .. عليه أن يغيره موقعه وموقفه مما يجري حوله ومما يجري له ولبني جنسه . عليه أن يتحول إلى مواجه وفاعل في المشهد العالمي والإنساني ..