يواصل عميد الجامع الكبير بباريس دليل بوبكر خرجاته التي لا تصب في خانة مصلحة الجالية الجزائرية والمسلمة المقيمة بفرنسا، حيث دافع المعني عن القرار الذي اتخذته السلطات هناك، والقاضي بمنع ارتداء البرقع والنقاب في التراب الفرنسي، وهو الأمر الذي يطرح عديد التساؤلات بخصوص إبقاء وزارة الشؤون الدينية لشخص كهذا على رئاسة أكبر مسجد في فرنسا، والذي تدعمه الخزينة العمومية الجزائرية. وأصدر دليل بوبكر بيانا موقعا باسمه نشر على الموقع الإلكتروني الرسمي للجامع الكبير بباريس، يقول فيه إن مشروع قانون منع ارتداء البرقع أو النقاب بفرنسا، لا يمس بالمبادئ الدينية الإسلامية، ولا الجالية المسلمة، مستدلا بسور وبآيات من القرآن الكريم وأحاديث نبوية شريفة، ومنها الآية 59 من سورة الأحزاب التي أمرت بارتداء الحجاب، حيث قال إنها دعت المرأة المسلمة لارتداء لباس اسمه ''الجلباب''، وهو عبارة عن رداء طويل أو معطف أو شال، ولم تأمر بحجب الوجه. وبرر بوبكر نظرته لهذه القضية ودعمه للقانون الفرنسي أيضا، بشرط الكشف عن الوجه والكفين طول فترة الإحرام خلال تأدية المرأة لمناسك الحج. واستند عميد مسجد باريس بكلامه إلى الحديث الشريف الوارد في صحيح البخاري، و في كتاب ''الفتاوى المعاصرة '' للشيخ يوسف القرضاوي، المنقول عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي يشير إلى أنه على المرأة البالغة أن ترتدي لباسا واسعا، غير ضيق يغطي جميع جسدها، عدا الوجه واليدين. وشدد دليل بوبكر في كلامه على التأكيد أن القانون الفرنسي لا يمس بالمبادئ الدينية للإسلام، ولا يسيء للجالية المسلمة المقيمة في فرنسا، مذكرا في هذا الإطار بما قاله نيكولا ساركوزي عندما ادعى أنه يحترم مسلمي فرنسا وشعائرهم الدينية. وأعلن تأييده لموقف النظام الفرنسي العنصري الداعي إلى عدم الترحيب بارتداء البرقع في فرنسا، معتبرا إياه أنه مناف للمبادئ الدستورية والمساواة الجمهورية المدعومة بقانون التكافؤ بين الرجل والمرأة في فرنسا. ولم يكتف انبطاح عميد مسجد باريس لنظام ساركوزي عند هذا الحد، بل ذهب إلى دعوة الجالية المسلمة المقيمة هناك إلى احترام قوانين ''الجمهورية'' والعمل من أجل تطبيق قانون منع ارتداء البرقع في المستقبل. وما يدعو للاستغراب أنه في الوقت الذي تنادي عديد الجمعيات الحقوقية التي لا صلة لها بالإسلام والدين بضرورة منع سن قانون حظر البرقع في فرنسا، يأتي دليل بوبكر ليساند موقف نظام ساركوزي، بدل أن يدعم موقف الجمعيات التي تدعو إلى الوقوف في وجه هذا القانون، ومنها منظمة مكافحة العنصرية القريبة من الجزائر التي تدعم إدارة دليل بوبكر، حيث ترى هذه الجمعية أن حظر البرقع معارض للدستور الفرنسي والمعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان، وهو الرأي الذي تتقاسمه معها منظمة هيومان رايتس ووتش التي ترى فيه انتهاكا لحق من يريد ارتداءه. وأمام هذه السقطة الجديدة لدليل بوبكر، وجب على وزارة الشؤون الدينية والأوقاف إعادة النظر في التعامل مع ممثله في أكبر هيئة دينية في فرنسا. وتعد هذه الخيبة التي أوقعها دليل بوبكر في نفوس الجالية المسلمة في فرنساوالجزائرية بالخصوص الثانية من نوعها بعد التصريحات التي أدلى بها للمجلة الصهيونية ''من فضلك إسرائيل'' حينما أعلن عن تعاطفه مع إسرائيل وانبهاره وإعجابه الشديد بها، وكذا موافقته لحربها ضد سكان غزة، منتقدا في ذلك حركة المقاومة الفلسطينية حماس التي اتهمها ب''استغلال سكان غزة كدروع لتمرير أجندة ضيقة''، ليقوم بعدها بتكذيب ما جاء في المجلة سالفة الذكر، إلا أن عدم رفعه دعوى قضائية ضد هذه الوسيلة الإعلامية يدعم حقيقة ما جاء فيها.