أوضح البروفسور عامر سلطان أخصائي في الجراحة الصدرية بمستشفى مصطفى باشا، أن التدخين يتسبب في وفاة حوالي 90 بالمائة من الأشخاص المصابين بالسرطان في ظرف 5 سنوات من تأكد الإصابة سنويا. وقال البروفسور في لقاء خاص جمعه ب ''الحوار''، إن من بين أهم العوامل التي تدفع إلى الرفع من ضحايا التدخين، هو سعي الشركات المصنعة للسجائر مضاعفة أرباحها على حساب صحة وأرواح الأبرياء. كشف البروفسور بأن التدخين يتسبب في وفاة 520 مليون شخص عبر العالم سنويا، مؤكدا أنه حتى ومع عرض هذا الرقم الكبير يزداد عدد المدخنين يوميا، وفي مراحل جد متقدمة من العمر. فلا يمكن للمعلومات المقدمة أن تردع بمفردها الأطفال عن التوجه إلى التدخين. ومكافحة التدخين هو معركة يجب على الجميع خوضها. 9 من 10 إصابات بسرطان الرئة الناجم عن التدخين لا تكتب لها الحياة يعد السرطان واحدا من أكثر الأمراض خطورة والمؤدية إلى الوفاة، قال البروفسور عامر سلطان، فحتى وإن كنا نعرف أسبابه لدى الكثير من الحالات كتلك الناجمة عن التدخين، إلا أننا نبقى غير قادرين على الوقوف في وجهه ومكافحة انتشاره، فقبل التوجه إلى مكافحة المرض من الأولى التوجه نحو مكافحة مسبباته، وهو الأمر الصعب ليس في الجزائر وحسب وإنما عبر مختلف دول العالم. وأرجع محدثنا السبب إلى صعوبة إصدار قوانين تمنع التدخين منعا باتا أو تمنع الشركات المنتجة للسجائر والتبغ من مواصلة نشاطها أو من الإشهار لمنتجاتها. فأضرار التدخين وآثاره السلبية لا تظهر على المدخن بعد أو سيجارة أو أول علبة، وإنما بعد 30 سنة من تاريخ تناول أول سيجارة في الحياة. لكن هذا لا يعني أيضا أن كل المدخنين سيصابون بنفس النوع من السرطان، فنحن كأخصائيين في الجراحة الصدرية نفرق بين نوعين من الأمراض، يتميز أحدها عن الآخر شيئا ما، إذ نجد ''الأنكوزيم'' وهو ليس سرطانا بأتم معنى الكلمة، وهو ما نحن متيقنين منه جيدا في هذا النوع من المرض أنه ناجم عن التدخين، والحل الوحيد للحدّ من تطوره وتفاقمه هو أن نطلب من المصاب التوقف عن التدخين، إن التبغ يساهم في انفجار هذا المرض لدى الأفراد، وبدأ هذا المرض يعرف انتشارا متزايدا في بلدنا. أما النوع الثاني من الأمراض الشائعة في الجراحة الصدرية، فنجد السرطان، إذ يحدث 9 من 10 مرات لدى أشخاص مدخنين. إلا أن هذا لا يعني أن كل المدخنين سيصابون بسرطان الرئة. الحل هو العمل على جعل التدخين فعلا غير طبيعي وقال محدثنا أن الطفل الذي انطلق الآن في التدخين وعمره 10 سنوات، لن يقتنع بنصائحنا لها حتى وإن أخبرناه أنه لدى بلوغه سن 40 أو 50 سنة ن لن يردعه ذاك فلا تعد المعلومة كافية بالنسبة له إذ يبدو الفارق الزمني كبير جدا بالنسبة له. أما عن سبب توجه الأطفال خصوصا والناس عموما إلى التدخين، فأضاف البروفسور عامر سلطان أن الوضع الاجتماعي يساعد ويدفع إلى التدخين، إلى جانب استثمار الشركات المنتجة للسجائر والتبغ، في الإشهار والترويج له، على نطاق عالمي. وإذا أردنا تقديم حل لهذه المشكلة يجب علينا أن نجعل من التدخين فعلا لا طبيعيا، فطالما يقدم الكبار القدوة للصغار، فهناك نوع من العمل الخفي على جعل هذا الفعل طبيعيا، فللحصول على مجتمع خال من لتدخين مستقبلا ما علينا سوى العمل منذ الآن بالتعاون على كافة المستويات للقضاء على تقليد الصغار للكبار، الذين عليهم أن يمتنعوا عن التدخين أمام الأطفال، ويرسخون في أذهانهم وعقولهم فكرة أن التدخين مضر بالصحة، وأنه مع كل لحظة سعادة أثناء التدخين توجد لحظة حزن وتحضير للوفاة تتجمع في رصيد المدخن، وهو ما لا نلمسه سوى نحن كأخصائيين في الجراحة الصدرية لحظة إجراء العمليات الجراحية لضحايا التدخين. عدد الذين يخضعون للجراحة قليل جدا مقارنة بنسبة الإصابة وأكد البروفسور أن عدد الأشخاص الذين يصلون إلى غرف العمليات للخضوع إلى جراحة بسبب التدخين قليل جدا مقارنة بالعدد الحقيقي والفعلي للمصابين بسرطان الرئة، فليست كل الحالات مشخصة، ومنها من تتوفى بهذا المرض دون زيارتها للطبيب أو خضوعها لفحص طبي، كما أن العديد من الحالات حتى وإن تم تشخيص إصابتها مبدئيا مع احتمال تفاقمها لا تواصل العلاج بسبب نقص فحوصات ''الأنابات'' بالجزائر، ذكر محدثنا، فالحديث عن أورام سرطانية وتحديد بروتوكول العلاج يتوقف على هذا النوع من التحاليل. فخلال طيلة سنوات ممارستي في هذا المجال لفترة تقارب 30 سنة، كنت شاهدا على حالات توفيت أو قدمت إلى مصلحتي وهي على حافة الموت دون أن بتم تشخيص إصابتهم بسرطان الرئة مسبقا. فمع التشخيص المتأخر لهذا الداء تتراجع حظوظ نجاح الجراحة إلى نسبة 5 بالمائة فقط، كما أننا، أضاف البروفسور لا نخضع جميع المرضى إلى الجراحة إلا أولئك الذين نكون على يقين من وجود نتيجة إيجابية منها. ث. م