يحاول الدكتور محمد الصغير غانم، من خلال مؤلفه الجديد ''مقالات وآراء في تاريخ الجزائر القديم''، الصادر مؤخرا عن دار الهدى للنشر والتوزيع في جزءين إعطاء وجهة نظره في كيفية وطريقة إعادة كتابة تاريخ الجزائر القديم انطلاقا من القراءة الجادة والغربلة التي يقصد من ورائها الباحث إلزامية طرح جانب من إيديولوجية المدرسة الاستعمارية السابقة، التي عملت حسبه على تزوير الحقائق، وجعلت من تاريخنا سجلا انثروبولوجيا لقبائل متصارعة تتفاعل مع الديمومة الجغرافية والتنافر العرقي والمذهبي في كثير من الاحيان، وهو ما أدى، يقول محمد الصغير، إلى إعاقة ما يسمى بالوحدة الوطنية والانسجام التاريخي للأجيال المتتابعة. كما أعطى وسيلة بواسطتها يصبح تاريخ الجزائر منسجما ومترابط الحلاقات، ولن يتم ذلك، حسبه، إلا بالاعتماد على المصادر المادية والكتابية الخاصة بكل العصور والحضارات التي تعاقبت على أرض الجزائر، بشكل متسلسل ومفصل، وأن يدرج كل هذا في إطار البرامج الدراسية المقررة في المناهج التعليمية في المعاهد والجامعات خاصة تلك المتعلقة بالعلوم الإنسانية. قسم الباحث عمله الذي هو عبارة عن مقالات سبق نشرها على صفحات الجرائد والمجلات العلمية والتاريخية المتخصصة الوطنية والدولية، إلى ثمانية فصول تناول في الفصل الأول ''التسلسل التاريخي وهويتنا الحضارية''، في حين تضمن الثاني العلاقات الفينيقية المغاربية''، أما الثالث فقد أدرج فيه دراسة شاملة للمقاومة المغاربية وعلاقة القرن الخامس قبل الميلاد مع قرطاج، كما أسهب الباحث في الفصل الرابع بشرح علاقات نوميديا بالرومان، أما في الفصل الخامس فقد أعطى وجهة نظره في تدريس وكتابة تاريخنا القديم، بعدها عرض فكرة الجزائر ما قبل التاريخ خلال الفصل السادس، أما الفصل السابع من هذا البحث فقد تضمن التمدن وبدايات الفترة التاريخية في شمال إفريقيا، وخصص غانم الفصل الأخير للحديث عن المواقع الأثرية ومدن تاريخية التي تمتلكها الذاكرة الجزائرية.