في كارثة بطيئة الوتيرة توقعتها وكالات الإغاثة قبل أشهر، تتجه منطقة الساحل في إفريقيا نحو أزمة غذاء لم يعد أمام العالم سوى أسابيع لتفاديها. لكن حتى اذا جرى التعهد بتقديم مزيد من المعونات الآن فإن العقبات التي تواجه إيصال العون إلى أكثر المجتمعات الضعيفة والنائية على كوكب الأرض تعني أن مئات الآلاف من الأطفال في النيجر وتشاد يواجهون بالفعل جوعا يهدد حياتهم. وقال مالك الاونا مدير الطوارئ الإقليمي لمنظمة ''أنقذوا الأطفال'' في غرب إفريقيا ووسطها ''المشكلة هي اننا متأخرون للغاية بالفعل، إذا حصلت على الأموال اليوم فلن تدخل الطعام إلى بلد قبل شهرين او ثلاثة، ''وهذه هي بداية ''موسم القحط'' الذي يشهد معركة سنوية من اجل البقاء ويمتد من نهاية نفاد مخزونات الطعام حتى بداية المحصول الجديد، ولآلاف السنين كان الجوع لعنة تصيب اغلب البشرية لكنه ألان قاصر على ملايين في إفريقيا. ويعني ضعف موسم الأمطار في حزام الساحل الذي يمتد من موريتانيا إلى السودان ان الخسائر البشرية هذا العام قد تكون مرتفعة مثل عام 2005 عندما دفعت اللقطات التلفزيونية للأطفال وهم يتضورون جوعا العالم للتحرك.. لكن بعد فوات الأوان. وفي حين لم يتأكد العدد النهائي للقتلى قدرت منظمة الأممالمتحدة للطفولة ''يونيسيف'' في ذروة الأزمة عام 2005 ان الجوع وسوء التغذية كانا يهددان حياة 3,6 مليون شخص في النيجر وحدها، ومنذ أكتوبر من العام الماضي تمثل العلامات التي تنذر بقرب حلول الكارثة ونقص الاستجابة الإنسانية تذكرة شديدة بمسار الإحداث قبل خمس سنوات. فنقص السلع الرئيسية في الأسواق رفع أسعارها بالنسبة إلى ملايين الأسر التي تعيش على اقل من دولار في اليوم، وأغلقت المدارس في القرى الواقعة بالمناطق الأشد تضررا حيث تهاجر العائلات الى المدن بحثا عن طعام، وهوت أسعار الماشية حيث يبيع المربون حيواناتهم كملاذ أخير لشراء الطعام لأسرهم. وبالرغم من التقديرات الحالية للأمم المتحدة وجهات أخرى بان عشرة ملايين شخص إجمالا يجابهون الخطر تتسم استجابة المانحين بالبطء خاصة وان العديد منهم تعهد بمبالغ كبيرة لهايتي بعد الزلزال الذي ضربها هذا العام، وقال مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية انه جرى تغطية 57 في المئة فقط من مناشدة طارئة قيمتها 191 مليون دولار للنيجر بحلول منتصف جوان، ولا يزال برنامج الأغذية العالمي يحتاج إلى ثلث مبلغ قيمته خمسة ملايين دولار طلبه لتقديم معونات لتشاد، وقال برونو جوتشوم مدير العمليات بمنظمة أطباء بلا حدود ومقرها جنيف ''الأموال قليلة بشكل عام بدرجة لا تسمح بالتوزيع المبكر للطعام'' في إشارة إلى الإمدادات الغذائية التي لن تبدأ في بعض الحالات قبل الشهر القادم، وتتوقع يونيسيف بالفعل أن تعالج 859 الفا تحت سن الخامسة في منطقة الساحل هذا الموسم من نقص حاد في التغذية وهي مرحلة يواجه عندها الطفل خطر المرض أو الموت، وإذا كان الوضع سيئا في النيجر يعتقد الكثيرون انه قد يسوء عن ذلك في تشاد حيث يوجد عدد قليل من الوكالات على الأرض وحيث قد تستغرق إمدادات الغذاء الطارئة حتى خمسة أشهر كي تصل عبر ليبيا ومنطقة الصحراء الكبرى أو من الكاميرون في الجنوب.