وصف المدير العم للأرشيف الوطني عبد المجيد شيخي، ما قام به المجاهدون في عمليات موربيان بفرنسا عام ,1958 التي تحيي الجزائر ذكراها هذه الأيام بأنها صنيع عباقرة وليست مجرد عملية قد يقوم بها أي إنسان عادي، كونها كانت السبب في تغيير نظام الحكم الفرنسي، وكذا لدرجة خطورة القيام بها، مبينا أنها كانت تهدف إلى زعزعة الاستعمار الفرنسي في عقر داره وإيجاد حلبة جديدة للمواجهة مع العدو. وأوضح عبد المجيد شيخي خلال تدخله أمس في ندوة تاريخية أقيمت بمنتدى المجاهد أن العملية التي نفذها الثوار الجزائريون بميناء موربيان بمرسيليا قد تسببت في سقوط نظام الحكم الفرنسي الذي تولى دواليب السلطة في فرنسا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في عام ,1945 واستطاعت أن ترجع الجينرال ديغول من جديد إلى الوسط السياسي الفرنسي، مشيرا إلى أن فرنسا كانت في ذلك الوقت كالمرأة العاقر لأنها لم تستطع أن تعطي رجلا سياسيا آخر يمكن ان يكون بديلا لديغول، هذا الأخير الذي جاء لتصفية حسابات قديمة له في الوسط السياسي الفرنسي، وكذا داخل الجزائر، على حد ما قال المتحدث ذاته الذي أوضح أن عمليات موربيان 1958 تكمن قوتها في أنها نفذت داخل ميناء يعد من أأمن الموانئ في ذلك الوقت، كونه ميناء قديما ويحوي مركزا لتخزين البترول. وبين مدير الأرشيف الوطني أن الثورة الجزائر كانت تهدف من وراء عمليات موربيان لنقل الثورة إلى الأراضي الفرنسية، وجعلها كقاعدة جديدة بعد أن ضيق الخناق على جبهة التحرير في الداخل، مضيفا أن هاته العمليات كانت تسعى أيضا إلى القيام بعمليات هادفة من شانها تحقيق صدى إعلامي، لكي تغزو الثورة العالم ككله على الأقل، مبينا أن ذلك تحقق مع ما قامت به الثورة من 1954 إلى ,1958 إلا انه لم يكن بالدرجة نفسها كون أن حرية التعبير والإعلام والنشاط السياسي كانت ممنوعة في الجزائر على عكس ما كان موجودا بالتراب الفرنسي. ومن جهته، أضاف المجاهد رابح بوعزيز الذي كان من بين منفذي العملية أن ما قام به هو وزملاؤه كان هدفه تبليغ العالم أن فرنسا تعيش حالة من اللاأمن واللا استقرار، وكذا تنوير العالم بأن هناك حربا قائمة في الجزائر، واستعمارا يضطهد شعبا أعزل، معرجا في خضم التدخل الذي أدلى به على الخطوات الميدانية التي شهدتها هذه العملية الفدائية التي استهدفت مخازن البترول بميناء مارسيليا، كاشفا أن هاته المنطقة اختيرت من بين عدة مناطق حيوية كانت جبهة التحرير تهدف إلى القيام بعمليات فدائية بها.