تدفعنا التطورات والأحداث الجسام التي تعصف بالمنطقة العربية إلى التفكير بصورة فعلية في فائدة وجود الجامعة العربية كهيكل تنظيمي عجزت إلى درجة كبيرة في تسجيل مواقف شجاعة لصالح الأمة العربية، كما عجزت في حسم العديد من الخلافات والنزاعات وبالأخص شللها المذل في مواجهة الصهيونية الإسرائيلية التي تعيث في الأرض فسادا دون مقاومة أو حساب.. ورغم كثرة الحديث عن من سيخلف أمينها العام، وعن المبادرات لتفعيل عملها إلا أن سيرورة الأحداث والتغيرات الكبرى التي تمر بها المنطقة جاءت لتؤرخ وترسخ الفشل الذي أصبح الميزة الرئيسية لمنظمة تاريخها مليء بخيبة الأمل، وأضحت تحظى بسمعة سيئة لدى الرأي العام في الشارع العربي بعد أن عقد عليها آمالا وأحلاما منذ تأسيسها عام .1945 بتعبير آخر، ولتقريب مفهوم '' فعالية بيت العرب'' أكثر أنت كمواطن عربي، هل فعلا تشعر بكينونة أو بوجود شيء يسمى الجامعة العربية؟ بمعنى آخر هل تذكر لها أي موقف حازم اتجاه أمهات القضايا العربية وعلى رأسها الصراع العربي الفلسطيني، وهل تعرف لها موقفا شجاعا شبيها مثلا بالذي يقوم به رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، الذي انتفض أمام الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز من مؤتمر دايفوس، وانسحب من الملتقى ردا على العدوان الصهيوني على غزة، في حين ظل أمين عام جامعة الدول العربية رهن كرسيه في موقف محرج للغاية، ولم يمتلك حينها شجاعة السير وراء الزعيم التركي، فأي دور أصبح للجامعة العربية سوى سياسة العجز ولغة الشجب والتنديد في أقصى الحالات.؟ واقعيا، وبعد مرور 65 عاما على إنشاء جامعة الدول العربية أصبحت أحوال العرب أكثر سوءا حتى من قبل إنشائها، وهي التي أنشئت في الأساس من أجل إصلاح أحوال الأمة العربية، وتأمين مستقبلها، وتحقيق أمانيها وآمالها .. إن عدم تحقيق الجامعة العربية لأهدافها التي أقيمت من أجلها أفقدها سبب وجودها أصلا، خاصة وأنها تحولت طيلة أيام السنة من بيت للعرب يفترض أن يحمي كرامتهم ويصون عرضهم ويحفظ كبرياءهم وعزتهم، إلى بيت لتلقي العزاء في شهداء فلسطين والعراق ولبنان.. ينتظر بفارغ الصبر حتى يمارس عمله مصيبة أخرى ..