انتعشت تجارة بيع الشواء على قارعة الطرقات بعد الإفطار مباشرة، حيث يعمد بعض الباعة إلى نصب طاولات تفتقد لأدنى شروط السلامة الغذائية، وعدم معرفة مصدر ونوعية تلك اللحوم التي يبدو أن سعرها الزهيد والذي لا يتجاوز 10 دنانير أغرى المواطنين وجعلهم يتهافتون عليها غير مراعين بذلك مدى خطورتها. ''الحوار'' وقفت على بعض الأماكن التي تكثر فيها هذه ''التجارة الموسمية'' كحي باش جراح 3، باب الوادي بالعاصمة التي تعج بشباب اوجدوا لهم مصدر رزق وسط توافد محبي الشواء الذين يتسارعون عليه بعد الإفطار مباشرة. صحة المستهلك بين ضعف الرقابة وتصلب ضمائر التجار تتعالى الأصوات المنادية بضرورة تدخل أجهزة الرقابة المختصة للحفاظ على صحة المواطن، حيث تكلف التسممات الغذائية الدولة الملايين من خلال صمتها عن بعض التجاوزات الخطيرة. وما نلاحظه هذه الأيام وفي السهرات الرمضانية انتشار مذهل في أسواقنا وعلى أرصفة الشوارع والطرقات، وحتى الطرقات السيارة لتجاوزات غير شرعية وبيع غير صحي لمواد يكثر الطلب عليها خاصة الشواء. حتى وان كان هذا السلوك اللاصحي يتقاسمه معهم المستهلك بصفة رئيسة، على اعتبار انه هو المتضرر الأول، فهل يعقل أن يقبل مواطن باقتناء كيس من الأمراض ليدخله مساء على أسرته، التي بدل أن تعيش المسرة تستبدلها بالمضرة؟ وهو السبب الذي أنزلنا للميدان لاستجواب عينة من المواطنين في أسواق العاصمة، والشوارع التي يباع بها الشواء مباشرة بعد الإفطار، حيث كانت آراءهم متباينة ومختلفة حول موضوع النظافة وموقفهم من عرض هذه المواد الواسعة الاستهلاك والآثار المترتبة عنها. بدأت رحلتنا من شارع ثلاث ساعات بباب الوادي، حيث التقينا مواطنة هناك اعترفت على جناح السرعة بان ''الوصول للنظافة الكاملة شيء صعب نوعاً ما، ولكن بالمقابل عدم النظافة ينتج عنها مشاكل صحية وبيئية خطيرة أحياناً يستعصي حلها''. وتضيف ذات المتحدثة انه من الواجب ''لمنع حدوث مثل هذه الأضرار التي تمس صحة المواطن الاهتمام بالدور الصحي قبل الدور المادي خاصة عندما يتعلق الأمر بالمواد ذات الاستهلاك الواسع''، وتؤكد شارحة ''إن استهلاك هذه المواد والشواء أمر خطير ولاسيما مع انعدام النظافة وتصاعد الغبار الذي يمتزج لا محالة بهذه المواد، مؤثرا بذلك على صحة الأفراد''. حتى وإن استثنت المتحدثة الخضر والفواكه من القائمة المشمولة بالمخاطر، إلا أنها لم تسلم من انتقاداتها كذلك حول مطاعم بيع المأكولات السريعة التي قالت بشأنها ''إنها تنعدم لكل أشكال النظافة سواء لدي الأشخاص العمال أو المحيط''. وبباش جراح تحديدا التقينا رب عائلة ذهب إلى ما ذهبت إليه السيدة الأولى المستجوبة، إذ أكد لنا انه كمواطن لا يتسوق البتة من هذه المناطق، والأسواق العشوائية تفتقد للنظافة كليا حسبه ، إذ صرح يقول ''أفضل الذهاب إلى المنزل حتى لساعات متأخرة من الليل بدل، المخاطرة والشراء من لدن هذه البؤر، التي لا تمت بصلة إلى النظافة''. وعن بيع الشواء فقد اختار محدثنا الاختصار، في الوصف حين أجاب بالقول ''حدث ولا حرج'' وطالب بتكثيف المراقبة الصارمة من قبل السلطات المعنية لسد هذه الثغرات التي تضر المستهلك الجزائري. التجارة الرمضانية فرصة للربح دون ضمير أفاد رئيس جمعية حماية المستهلك العيساوي محمد، في تصريح ل ''الحوار''، أن الخرجات الميدانية التي قامت بها الجمعية مؤخرا، والتي مست مختلف المواد الغذائية المعروضة بمختلف الأسواق بينت أن العديد من المنتوجات لا تتطابق ومعايير الجودة مما ينعكس على صحة المستهلك، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال، فإن بعض المشروبات على غرار ''الشاربات'' التي تعرف رواجا كبيرا في شهر رمضان تبين بأنها مجهولة المصدر ولا تعرف مكوناتها، حيث تنتج بطريقة تقليدية، موضحا أن أجهزة الرقابة كثفت مجهوداتها في الآونة الأخيرة، لمراقبة المنتوجات التي تباع في الأسواق الفوضوية، وذلك على خلفية التحقيق الميداني الذي قامت به الجمعية المتعلق بمراقبة مختلف أسواق العاصمة واذلي كشف تجاوزات خطيرة وراءها تجار لا ضمير لهم، مستغلين غياب الثقافة الاستهلاكية لدى الزبون ضاربين بذلك بتعليمات الوزارة عرض الحائط، معطيا لنا مثالا عن مادة الخبز التي أصبحت تعرض على قارعة الطريق دون احترام أدنى شروط السلامة الغذائية، متهما بذلك الخبازين الذين يقومون ببيع الخبز لهؤلاء التجار غير الشرعيين مخالفين بذلك تعليمة وزارة التجارة التي تتعلق بتغيير بعض التجار لنشاطهم في شهر رمضان، مشيرا إلى أن التجارة ''الرمضانية'' لا يحترم أصحابها أدنى شروط النظافة، موصيا في ذات السياق بأخذ الحيطة من ظاهرة الشواء التي تباع مباشرة بعد الإفطار على قارعة الطرقات، هذه الأخيرة التي انتشرت كالطفيليات، حيث إن معظم بائعيها لا يحترمون أدنى الشروط.