قررت موريتانيا مجددا إعادة فتح الحوار مع سجناء السلفية بعدما كانت الحكومة قد أعلنت عن قرار استئنافه في منتصف جانفي الماضي، حيث تضم لجنة للأئمة والسجناء الإسلاميين السلفيين في محاولة لإقناعهم بالتناقض بين الدين وأساليبهم. وهذه المناقشات ستجري ''قريبا'' في عدة مناطق من البلاد حسب وزير الشؤون الإسلامية نايني ولد أحمد في اجتماع نظمه الاتحاد من أجل الجمهورية. وقد انتهى الحوار مع السلفيين بين 18 و 20 جانفي الماضي في سجن نواكشوط مع التزام معظم السجناء، حوالي 60 بالمائة ترك التطرف والغلو، ولكن حتى الآن السلطة التنفيذية لم تقدم لهم أي قدر من التسامح. قال الوزير، إن الموريتانيين المعينين من قبل مجموعة تنظيم قاعدة المغرب ''لا يفهمون معنى الجهاد، وينجرون وراء العواطف التي تقودهم إلى الانضمام إلى الجماعات الإرهابية''. مضيفا أن ''الجهاد لا يمكن أن يتم إلا تحت سلطة رئيس الدولة''، مشيرا إلى أن ''الغالبية من السجناء لا يتجاوز سنهم 30 سنة وهم مجرد قطاع طرق''. وكانت مجموعة العلماء من الموريتانيين الذين يقودون حوارا مع قيادات ونشطاء السلفية الجهادية السجناء، قد نجحت في تحقيق اختراق للفكر القاعدي التكفيري. وتأمل الحكومة أن يتخلى عناصر القاعدة عن حمل السلاح في وجه الدولة والرعايا والمصالح الغربية في موريتانيا. وأعلن مقرر اللجنة الدائمة الحكومية الإمام عبد الله ولد امينو أن الحوار ''نجح بنسبة 90٪'' وقد أسفرت عن توزيعهم إلى أربع مجموعات متباينة في الرؤى والمواقف، وربما أيضا متباينة في الصلات والقيادات. وتعتبر مجموعة ال47 التي توسعت لاحقا لتكون 55 من أهم هذه المجموعات حيث يرحب أعضاؤها بالحوار، ولا يؤمنون بتكفير الحكام، أو باستخدام العمل المسلح ضد الأنظمة والشعوب أو حتى ضد الأجانب. في مقابل هذه المجموعة هناك أخرى يقودها الخديم ولد السمان تؤمن بكفر وارتداد الأنظمة وبوجوب قتالهم وتحرير الأوطان منهم، كما تؤمن أيضا بوجوب مقاتلة الكفار داخل الأوطان الإسلامية وخارجها حتى يكفوا عن إلحاق الأذى بالمسلمين. وبين هاتين المجموعتين توجد ثالثة يتزعمها المعتقل محمد سالم المجلسي الذي يصنف كأحد أبرز المرجعيات العلمية بالمعتقل، وتؤمن هذه المجموعة حسب مصادر اللجنة- بكفر الأنظمة، لكنه لا يرى استخدام السلاح ضدها. ويبقى الفريق الأخير الرافض للحوار والممتنع عن لقاء لجنة العلماء، وقد كان في الأصل يتكون من ثلاثة أفراد، إلا أنه تقلص إلى فرد واحد ينتمي لدولة السودان، ولكونه لم يلتق لجنة العلماء فلم تعرف على وجه التحديد قناعاته ومواقفه تجاه القضايا المطروحة للحوار. ومن بين المعتقلين ''الأكثر تشددا'' الموريتاني الخادم ولد سمان الذي رفع عند بدء الحوار قميصا كتب عليه اسم القاعدة، وأكد أنه يتكلم باسم ''الذين يحملون السلاح لمحاربة المرتزقة''.