فقدت الجزائر برحيل الشيخ الجيلالي شمعة من شموع العطاء ودربا من دروب العلم، بعد أكثر من قرن من الوجود، غيبت المنية ليلة الخميس إلى الجمعة العلامة الكبير عبد الرحمن الجيلالي بمستشفى عين طاية بالجزائر العاصمة عن عمر يناهز 103 سنة، حيث تمت تأدية الصلاة عليه في الجامع الكبير بالعاصمة ليوارى الثرى بمقبرة سيدي امحمد إلى جوار شيخه عبد الحليم بن سماية في حضور غفير للرسميين والمواطنين الذي ودعوا الشيخ الذي ألفوه لقرابة القرن من الزمن. وقد عرف العلامة عبد الرحمن الجيلالي بتقديمه لحصص إذاعية وتلفزيونية حول الأحاديث الدينية والفتاوى لسنوات عديدة. وتحصل العلامة عبد الرحمن الجيلالي الذي عمل أستاذا جامعيا ومدرسا للفقه المالكي على جائزة الجزائر الأدبية الكبرى مطلع الستينات وعلى شهادة تقدير من رئيس الجمهورية سنة .1987 يذكر أن الشيخ عبد الرحمن الجيلالي الذي ولد في التاسع من شهر فيفري من سنة 1908 بالجزائر العاصمة بحي بولوغين حفظ القرآن عن عدة شيوخ في المساجد والزوايا منهم عبد الحليم بن سماية وتتلمذ عند الشيخ المولود الزريبي الأزهري والشيخ الحفناوي حتى أصبح فقيها وعالما في الشريعة وعلوم الفقه واللغة. وقد تمكن الشيخ عبد الرحمان الجيلالي رحمه الله من إنتاج عشرات الأعمال بمختلف الميادين الدينية، الأدبية، الفنية والتاريخية، جعلته يتحصل على أوسمة استحقاق من مؤسسات علمية متخصصة. كما حاز عضوية المجلس الإسلامي الأعلى غداة الاستقلال في لجنة الفتوى التي كان يشرف عليها الشيخ ''أحمد حماني'' رحمه الله. وقد عمل الشيخ عبد الرحمان الجيلالي مع نخبة من العلماء على إنشاء وتنظيم نظَارات الشؤون الدينية بمختلف ولايات القطر، كما ساهم في تأسيس مجلة ''الأصالة'' الصادرة عن المجلس الإسلامي الأعلى التي ساهمت مساهمة فعالة في الترويج لملتقى الفكر الإسلامي، كما كانت منبرا هاما للمناقشات الهادفة. للإشارة، فإن الشيخ الجيلالي قدم محاضرات في 14 طبعة من مؤتمر الفكر الإسلامي. وساهم الشيخ عبد الرحمان الجيلالي بقلمه في الصحف والمجلات الجزائرية، كما ساهم في تزويد المكتبة الجزائرية بالعديد من العناوين الهامة، منها كتاب ''تاريخ الجزائر العام'' المنشور في جزئين، والذي يعتبر مرجعا لا يمكن لدارسي تاريخ الجزائر الاستغناء عنه، وهو الآن في طبعته الثامنة. ومن كتبه أيضا كتاب ''تاريخ المدن الثلاث: الجزائر، المدية، مليانة''، وكتاب خاص بذكرى العلامة الدكتور بن أبي شنب، وكتاب حول العملة الجزائرية في عهد الأمير عبد القادر، وكتاب ''ابن خلدون في الجزائر''. وقد منحته جامعة الجزائر دكتوراه شرفية بتوصية من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.