لم يجد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حلا لإقناع الدول العربية بضرورة تشبثها بمشرعه الاتحاد من اجل المتوسط ، إلا بوعدهم أن حل مشاكل مهاجريهم المقيمين في بلاده وباقي الدول الأوروبية سيكون أيسر من خلال التعاون المتوسطي . وبين ساركوزي الذي كان يتحدث بقصر الإليزيه في ندوة حول العلاقات العربية الفرنسية نظمتها في معهد العالم العربي بباريس غرفةُ التجارة الفرنسية العربية بمناسبة الذكرى ال40 لإنشائها أن حل مشكلة المهاجرين غير الشرعيين يكون بتعاون ضفتي المتوسط ، واعدا بحل هذا المشكل ، خاصة وان الهجرة غير الشرعية مشكلة الجميع . وأوضح أن احتضان فرنسا أكبر جالية عربية في أوروبا -نحو ستة ملايين شخص- يعطي العلاقات الفرنسية ''ميزة إنسانية''، مشيرا أن بلاده تسعى لإدماج سكانها ذوي الأصول الأجنبية دون إهمال حاجتها إلى مكافحة الهجرة غير الشرعية، ومعلوم أن العرب والمسلمون يمثلون نحو10 في المائة من عدد السكان في فرنسا ،وتشكل الجالية الجزائرية اكبر جالية مقيمة هناك بأكثر من مليوني نسمة . وبخصوص الاتحاد من اجل المتوسط الذي أرجئت قمته الثانية المقررة في نوفمبر بسبب تعثر مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، قال ساركوزي أن''فرنسا لن تتخلى عن مشروع الاتحاد من اجل المتوسط الذي يشكل عنصرا رئيسيا في سياستها الخارجية'' ،مبينا تعثر عملية السلام في الشرق الأوسط ، وقال ''هذا التعثر لا يمنع فقط شعبين، الشعب الإسرائيلي والشعب الفلسطيني، من العيش معا بسلام وامن، بل يكبح أيضا الجهود لتنمية منطقة بأسرهاس. وكانت القمة الثانية للاتحاد من اجل المتوسط مقررة أصلا في جوان الماضي في برشلونة ثم أرجئت إلى ال 21 من الشهر الحالي، قبل أن ترجأ مجددا أملا بإحراز تقدم في مفاوضات السلام في الشرق الأوسط. ودعا ساركوزي إلى تعزيز المبادلات الاقتصادية بين الدول العربية وبلاده التي يتعين عليها -حسب قوله- تقوية حضورها في أسواق المشرق العربي وزيادة حجم استثماراتها في المنطقة، مبينا أن حجم مبادلات فرنسا التجارية مع الدول العربية يبلغ 50 مليار يورو، أي 15% من إجمالي تجارتها الخارجية، و أن أربع دول عربية هي بين عشرة بلدان تسجل معها فرنسا أعلى فائض تجاري. وأكد الرئيس الفرنسي أن باريس تملك ''مواقع تجارية قوية'' في المغرب العربي حيث تتصدر المستثمرين الأجانب، لكن حصصها من أسواق واستثمارات المشرق العربي غير كافية، وإن كانت ''أمامنا هوامش للتقدم في تلك المنطقة''،على حد قول ساركوزي الذي أثنى على مستوى العلاقات السياسية مع الأقطار العربية، مؤكدا أنه يجري ''مع كل مسؤولي المنطقة حوار ودي جدا يمتاز بالثقة العالية. وزعم ساركوزي أن العرب لديهم ''مشاعر عفوية إيجابية نحو فرنسا'' نظرا ''لوضوح سياستنا الخارجية وتوازنها واستقلالها''، وانتقد ضمنيا انفراد الولاياتالمتحدة بجهود إحياء عملية سلام الشرق الأوسط، واعتبر أن المقاربة المتبعة لإيجاد تسوية ''يجب أن تكون أكثر جماعية وتعطي مكانة أكبر للتشاور. وادعى ساركوزي انه لا يوجد عالم عربي واحد وإنما ''عوالم عربية'' متعددة، وشدّد على حرص فرنسا على بقاء ما أسماه ''التنوع'' الذي ظل -حسب قوله- سمة تاريخية لهذه المنطقة، وطالب بحماية مسيحيي الشرق واحتواء الفتنة بين السنة والشيعة.