تتشابه أنواع المياه المعدنية عند معظم الجزائريين في ذوقها تقريبا مثل مياه الحنفيات التي تصب في المنازل، نظرا لحالات الغش والخداع التي تتخذ لنفسها فنونا وأشكالا كثيرة من قبل المنتجين ووحدة التعبئة التي تضع على القارورات ملصقات تبين نوعيتها ودرجة نقاوتها ومكوناتها من الأملاح المعدنية. والحال أنها ليست كذلك في ظل غياب أي تصنيف من قبل وزارة الموارد المائية، ماعدا شعار ''علامة مسجلة'' ناهيك عن التكتم على القيمة الحقيقية للمياه نفسها. وهكذا، تحول كل ماء معبأ في قارورة بلاستيكية أو زجاجية محكمة الإغلاق من المصنع لا تشوبها شائبة عند المواطن البسيط باعتبارها ماء معدني، والدليل على ذلك العلامة المسجلة والإشارات الكاملة الخاصة بتركيبة المياه وإرشاداتها العلاجية الموجهة للمرضى والأطفال والرضع والنساء الحوامل. كل ما تحت الأرض أو يخرج منها.. معدني! يتداول الاسم الشعبي وشبه الرسمي للمياه المعدنية في الجزائر منذ أن عرفت هذه المياه اسم ''سعيدة'' نسبة إلى أول مصنع للمياه المعدنية قامت بإنجازه الدولة بولاية سيدي بلعباس، قبل أن تتخلى عن تسييرها بعدما قرر مجلس مساهمات الدولة خوصصة وحدة الإنتاج للمياه المعدنية. ومنذ أكثر من سنتين تحدث الوزير سلال عن تكوين لجنة مختصة ومشتركة تتولى تقديم النتائج على دراسة تحليلية لجميع أنواع المياه المعدنية المطروحة في السوق، وتصنيف تلك المياه وتسعيرها وفق قيمتها النفعية والعلاجية. وهو ما لم يحدث لحد الآن بالرغم من أن سوق المياه المعدنية الطبيعية ببلادنا يعرف نموا كبيرا من حيث الإنتاج الذي قدر بمليار لتر في السنة، لأن كل ماء في قارورة بلاستيكية يباع في الأسواق هو ماء معدني طبيعي وليس ماء يسيل من الحنفية أو منبع في جبال أو الوديان. وأصبح المستهلكون يتعاملون مع المياه المعدنية على طريقة لا يدركون بها لونه ولا جنسه ويتقبلون أمرها كأنه محتوم عليهم، والحال نفسه متداول في معظم المقاهي والمطاعم وحتى الاجتماعات الرسمية للمسؤولين والإطارات. كشفت مصادر من مديرية المراقبة وقمع الغش بوزارة التجارة أن التحقيقات التي أجرتها خلال فصل الصيف أثبتت أن بعض الشركات المنتجة للمياه المعدنية على المستوى الوطني لا تنتج مياه معدنية طبيعية وإنما تقوم بتسويق مياه ينابيع مغشوشة لا تخضع للتحاليل الفيزيائية والكيميائية والبكتيرية التي تجريها المخابر العمومية، وتشكل في نفس الوقت خطرا على صحة المستهلك. ويؤكد الكثير من المختصون والأطباء أن سوق المياه المعدنية يشبه من حيث حجم الغش سوق قطع الغيار، حيث أن أكثر من نصفها مقلدة وغير مطابقة للأصل وقد تضر أكثر مما تنفع. أما المياه نفسها فهي مصنفة إلى عدة أنواع هي: مياه معدنية طبيعية ومياه المنبع ومياه الحنفيات، ألا أن المستهلكين لا يعرفون التمييز بينها لأن الشركات التي تبيع المياه وعددها 40 علامة تسوق منتوجاتها بنفس الثمن على اعتبار أن أي مياه في باطن الأرض هي مياه معدنية.