استفحال ظاهرة استغلال القصر ضحايا الأسرة والبيئة الاجتماعية جعل هذه الشريحة الهشة من المجتمع غارقة في الجريمة.. ظاهرة تنذر بالخطر خاصة أن القصر إذا ما تورطوا في قضايا لا أخلاقية أو إجرامية فسيهمشهم المجتمع ويعاملهم معاملة المجرمين، وأكثر ما يعانون منه هو الاندماج الاجتماعي والمهني. أفادت مصالح الدرك الوطني بأن أكثر من 300 قاصر سنه أقل من 18 سنة، تورط خلال شهر أكتوبر في عدة جرائم عبر 48 ولاية غالبيتها في المدن الكبيرة، منها استهلاك وتسويق المخدرات والمؤثرات العقلية والسرقة الاعتداء والأضرار التي لحقت الآباء والتهديد والاعتداء والضرب، والتآمر وغيرها من الجرائم. وتشير إحصاءات الخمسة أشهر السابقة من السنة الجارية التي تحصلت ''الحوار'' على نسخة منها، والتي أطلعتنا عليها خلية حماية الأحداث من الانحراف التابعة للدرك الوطني، إلى أنه تم إحصاء ما لا يقل عن 854 قاصر متورط في جرائم مختلفة، من اعتداءات جنسية، سرقة، ضرب، مخدرات، اغتصاب، زنا المحارم، تزوير وغيرها، حيث تم توقيف 627 منهم لا تتجاوز أعمارهم 18 سنة، من مجموع 6739 شخص، كما تم توقيف 1295 شخص فيما يتعلق بالمخدرات منذ بداية السنة الحالية. هذه الأرقام لابد من النظر فيها ودق ناقوس الخطر فيما يتعلق بالمخاطر التي يتعرض إليها القصر في الجزائر، خاصة في الوسط المدرسي ومحيطه. ويوضح البيان أن السبب الرئيسي في تورط القصر في مختلف الجرائم والآفات الاجتماعية، هو تغيب الأولياء عن أبنائهم وعدم الاهتمام بهم. فالكثير من الأبناء أعطيت لهم كامل الحرية، ولكنهم في الحقيقة بحاجة إلى متابعة دقيقة في هذه المرحلة العمرية الحرجة. وتعد الحرية وانعدام الرقابة من أخطر الأسباب لانحراف الطفل والتي تقف وراء معالجة ما لا يقل عن 823 قضية متعلقة بالمخدرات، مع العلم أن الأشخاص تحت سن 18 عاما، أيضا متورطون في قضايا الجريمة المنظمة، وعلاوة على ذلك فالفئة العمرية من 18 حتى 30 سنة، هي الأخرى لم تكن هناك أقل من 3846 شخص خلال نفس الفترة. وفيما يخص كيفية معالجة الحالات التي تقع في قبضة الخلية، أفاد بيان خلية حماية الأحداث من الانحراف، أن كل حالة يتم معالجتها على حدة وحسب طبيعتها. على سبيل المثال هناك قصر يتم معالجة قضاياهم على مستوى مقر الخلية وفي سرية تامة، وهو ما يمكن إطلاق عليه تسمية العلاج المفتوح، وهناك حالات أخرى يتم التكفل بها من خلال إدخالها إلى مراكز إعادة التربية، في حين أن بقية الأحداث الضائعين والهاربين من منازلهم، يتم فتح محضر خطر معنوي لهم ثم الاتصال بعائلاتهم. ويجدر الذكر، وفي سياق برنامج وطني لحماية الأحداث، إلى جانب ما تقوم به خلايا حماية الأحداث من الانحراف للدرك الوطني من حملات وقائية وتحسيسيه لفائدة تلاميذ وطلبة المتوسطات والثانويات ومراكز التكوين المهني، طيلة أشهر السنة الدراسية، وأيضا في دور الشباب والساحات العمومية، فإن كل خلايا الدرك الوطني المتخصصة في حماية الأحداث من الانحراف ، قد جسدت بداية هذا الأسبوع برنامجا يتعلق بحوار مفتوح بين عناصرها وأولياء التلاميذ في العديد من المؤسسات التعليمية. وحسب بيان قيادة الدرك الوطني، فإن الهدف من هذه المبادرة، هو لفت انتباه الأولياء لكل الآفات الاجتماعية التي يمكن أن تؤثر على أبنائهم، وكذا حتى يتمكن أولياء التلاميذ من طرح انشغالاتهم وكل ما من شأنه أن يساهم في حماية أبنائهم من جملة المخاطر المادية والمعنوية. كما يدخل تجسيد هذا البرنامج الذي يتم بالتنسيق مع الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ، في إطار مواصلة حملات حماية الأحداث من الانحراف والمتابعة الميدانية للوقاية من كل الأخطار المحتمل وقوعها على القصر. ف. ن