يا صاحبي، أنظر إلى المرآة سترى الأشياء منعكسة داخلهاَ، أليس ذلك المكان منعكس، ووقت منعكس، وحياة صغيرة منعكسة بين المكان والوقت؟ إذا حركت يدك ستتحرك داخل المكان الآخر؛ وإذا قفزت فستقفز في نفس المكان الآخر؛ وإذا حاولت أن تسبق حركتك لن تستطيع؛ وإذا ما أطفأت المصباح تلاشى المكانان معا الواقعي والمنعكس؛ ولكن حين تحطم المرآة لن تبقى إلا الصورة الحقيقية. حيث يمكنك أن تشعر بنفسك وبقوتك وبرشاقتك؛ أي بحياتك. فحطم كل الصوّر القديمة والمكررة، تخلص كل مما ليس لك، وليس لغيرك حتى. لا تقل لي صورتي أنني حكيم، فالحكيم لا صورة له؛ ولا تقل لي صورتي أنني محارب فالمحارب لا صورة له، صورة الحواري ليست لك، وصورة السامريّ ليس ملكك، فإذا أردت أن تكون كشخصية ما، تخلص من صورته ولا تلبسهاَ؛ كن بلا صورة؛ وتلاشى في موجودات الله؛ في كل شيء. ذات يوم وجد أحد التلاميذ مثلك معلمه فاردا ذراعيه عند جرف عال مشرعاً صدره للهواء ساعة الغسق، وكانت أسراب الطيور بأشكالهاَ وأنواعها تحط على ذراعيه، وعلى كتفيه، وفوق رأسه. حين سأل التلميذ معلمه: لمَ حطت الطيور عليك دون أن ترهبك ؟ فقال: لأني لم أكن معلمك ساعتها؟ قال التلميذ مستغربا: ماذا كنت إذن ؟ فقال المعلم بهدوء: كنت شجرة .؟ ففاضت عينا التلميذ بالدموع تأثراً.