هل يقبل الصيام من تارك الصلاة ؟ أم أن العبادات كلها مقرونة بعضها ببعض بحيث لا يقبل شيء منها إذا ترك الآخر؟ المسلم مطالب أن يؤدي العبادات كلها: يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويحج البيت متى استطاع إليه سبيلا. فمن ترك واحدة من هذه الفرائض بغير عذر يعتد الله به، فلعلماء الإسلام فيه آراء شتى، فمنهم من يذهب إلى كفره بترك أي واحدة منها. ومنهم من يكفر تارك الصلاة ومانع الزكاة. ومنهم من يكفر تارك الصلاة فحسب، لمنزلتها في دين الله ولما ورد أن (بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة) رواه مسلم. ومن ذهب إلى تكفير تارك الصلاة عمداً، فلا يظن أن يقبل صومه، إذ الكافر لا تقبل له عبادة أصلاً. ومنهم من يبقي عليه إيمانه وإسلامه ما دام مصدقاً بالله ولعل هذا الرأي - والله أعلم - هو أعدل الأقوال وأقربها. وعلى هذا فإذا قصر لكسل أو هوى في بعض الفرائض - غير منكر ولا مستهزئ - وأدى البعض الآخر، كان ناقص الإسلام، ضعيف الإيمان، ويخشى على إيمانه إذا استمر على الترك. ولكن الله تعالى لا يضيع أجر عمل أحسنه. بل له عند الله بقدر عمله: له مثوبة ما أدى. وعليه وزر ما فرط ]وكل صغير وكبير مستطر[ {القمر:53} ]فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره[ {الزلزلة: 8,7} ** نقل الدم في نهار رمضان هل نقل الدم يبطل الصيام؟ يجيب فضيلة الشيخ عطية صقر - رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقًا: هذا السؤال له طرفان؛ طرف يتصل بالمنقول منه، وطرف يتصل بالمنقول إليه، أما المنقول منه فيقاس أخذ الدم منه في نهار رمضان على الفصد، وهو أخذ الدم من غير الرأس، وعلى الحجامة وهي أخذ الدم من الرأس، وقد سبق أن الجمهور يقولون بعدم بطلان الصيام بهما؛ لأن حديث: ''أفطر الحاجم والمحجوم'' الذي أخذ به من قال بالإفطار لم يسلم من النقد، إن لم يكن من جهة السند فمن جهة الدلالة. وأما المنقول إليه فيعطى نقل الدم حكم الحقنة، وقد تقدم الكلام فيها، وإذا كان للعلاج لا للغذاء وأدخل عن طريق الوريد فأختار عدم بطلان الصيام، ومع ذلك أقول: إن هذا المريض الذي نقل إليه الدم حتمًا يحتاج إلى ما يقويه، فله أن يفطر بتناول الأطعمة وعليه القضاء عند الشفاء. واختلاف آراء الفقهاء في مثل هذه الفروع رحمة يمكن الأخذ بأيسرها عند الحاجة إليه.