أكد الكاتب اللبناني فرحان صالح أنه من الناشرين الذين يهتمون كثيرا بالأدب الجزائري، حيث إن دار الحداثة التي أسسها في أواخر السبعينيات ساهمت في نشر زهاء 100 عنوان لكتاب جزائريين على غرار واسيني الأعرج، زينب لعوج عبد المالك مرتاض، عبد القادر جغلول وبلعمار حسن رحمه الله، كما أن هناك العشرات من المثقفين الجزائريين الذين نشرت لهم دار الحداثة أكثر من عمل. الجزائر تزخر بأدباء معترف بهم على الساحة العربية والعالمية قال فرحان صالح إنه تأثر كثيرا بالعديد ممن ساهموا في صياغة الحياة الثقافية في الوطن العربي، ''خاصة ذلك العالم الجليل الذي قدم مناخات تربوية وعلمية مازالت تشكل مرجعية لنا ألا وهو مالك بن النبي الذي قرأت له وعنه''. وأعرب فرحان عن إعجابه الشديد بالادباء الجزائريين الذين قرأ لهم في مقدمتهم كاتب ياسين، محمد ديب، مالك حداد وعبد الحميد بن هدوڤة، الذين اعتبرهم من المساهمين في التأسيس لثقافة حركة التحرير الوطني من خلال التعبير عن مصالح مجتمعاتهم بشكل راقٍ. كما ذكر فرحان بجيل آخر حمل قلق بناء دولة في الجزائر وصبغ الحياة الثقافية في الوطن العربي عامة وفي الجزائر خاصة كالروائي الكبير الطاهر وطار، واسيني الأعرج، الجيلالي خلاص، عبد العزيز غرمول، مرزاق بقطاش، رشيد بوجدرة، ياسمينة خضرا، والأديبة المجاهدة زهور ونيسي وأحلام مستغانمي، مشيرا في ذات السياق إلى أن الجزائر تزخر بأدباء معترف بهم على الساحة العربية والعالمية. قضايا التحرر هي مادتي الأولى في الكتابة وأوضح فرحان صالح ان قضايا التحرير الوطنية والعربية هي شغله الشاغل، حيث جسدها في الكثير من كتاباته، مذكرا في هذا السياق بكتابه ''جنوب لبنان واقعه وقضاياه'' الذي يعد أول مولود أدبي له صدر في سنة 1972، إلى جانب ''الثورة الفلسطينية وتطور المسألة الوطنية في لبنان'' الذي تناول فيه وجهة نظره حول حرب لبنان الاهلية سنة 1975 وهو الكتاب الذي أثار جدلا كبيرا لرفضه المقولة التي رفعتها الحركة الوطنية آنذاك، حيث وصف الكتائب بالانعزاليين. وتعد دار الحداثة التي مازال يديرها الى يومنا هذا منعطفا جديدا في حياة صالح فرحان الفكرية والتي قام بتأسيسها الى جانب أولاده، لينقطع بعدها عن الكتابة الى غاية سنة 1984 غير أن ''لغة الجنوب'' أعاده الى عالم الكتابة من جديد. ويتواصل عطاء الكاتب حتى اخر إصدار له كتاب يحمل عنوان ''رواية جيل'' وتضمن هذا الكتاب رسائل وجدانية حملت رؤيته للإنسان من خلال المرأة التي أحبها والتي مثلث حبه لمجمل المسائل التي جذبته في حياته، وتناول فيها أيضا التطورات التي تحصل في الوطن العربي، حيث اعتبر من يدفع الثمن هم من يتشاركون لبناء إنسانية أفضل. ''المسرح والسياسة'' تشكلان منعطفا جديدا في حياة فرحان الأدبية كما صدر له كتاب آخر جديد موسوم ب''الحياة المغدورة أو المسرح والسياسة'' الذي قال عنه إنه شكل له منعطفا جديدا، حيث استفاد منه مدونا فيه تلك الدراسات والأبحاث التي قدمها في مناسبات ممتدة على 10 سنوات، تناول فيه همومه كإنسان يعيش عصره وتحدث فيه كذلك عن إحدى المؤسسات التي كان لها دور كبير في تأسيسها في لبنان والوطن العربي والمتمثلة في حلقة الحوار الثقافي التي جاءت نتيجة للحرب الأهلية في لبنان، حيث أدت هذه الحرب إلى انقطاع الحوار بين اللبنانيين وخلقت حالة من الخوف المتبادل بين أطراف الشراكة الوطنية وساهمت الحلقة في إعادة هذه اللحمة وفي إعادة التركيز في بناء دورة دموية مشتركة. ويقول سرحان إنه تحدث في هذه الدراسة عن مجمل التطورات الثقافية والسياسية التي عرفتها لبنان وكيف استطاعت التأسيس لحوار مشترك، والى جانب ذلك تحدث فيه عن رؤيته للنخب السياسية في لبنان والعالم العربي الذي ميز فيه بين الممثل المسرحي الحامل لهموم مجتمعية وبين السياسي العربي كمهرج، كما تطرق فيه إلى شخصيات سياسية كان لها تأثير كبير في تكوينه السياسي، وهي شخصيات مثلت حيثيات مجتمعاتها بالرغم من كل الملاحظات التي تحاول أن تنتقد تجربتها تلك والتي أصبحت تاريخا أمثال فؤاد شهاب في لبنان، جمال عبد الناصر في مصر وبن بلة وبومدين في الجزائر.