شهدت العائلات الجزائرية خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان مراسيم استقبال المعتمرين العائدين من مكةالمكرمة في أجواء ملؤها الفرح والسعادة بالعودة المباركة، وهذا بممارسة طقوس وعادات يتميز بها المجتمع الجزائري دون سواه، حوّلت البعض منها مطارات الوطن إلى قاعات للحفلات وزينت مواكب المعتمرين طرقاتها وشوارعها. يتميز المجتمع الجزائري دون غيره من المجتمعات بعادة تسمى ''موكب استقبال العائدين من البقاع المقدسة'' سواء تعلق الأمر بتأدية فريضة الحج أو سنة العمرة، حيث يقوم أهل وأقارب المعتمر بالذهاب جماعيا إلى المطار لانتظاره واستقباله هناك، ويقومون بجلبه إلى بيته بأصوات أبواق السيارات، وتلتقيه النسوة بالزغاريد والتهاني. واستعدادا لهذه المناسبة المباركة، تقوم عائلات المعتمرين بإعداد الأضاحي هذه العادة التي تعتبر من العادات التي تضرب في جذور تاريخ التقاليد الجزائرية، حيث يقوم أهل المعتمر بشراء كبش أو كباش، كل حسب مقدوره، وتقوم العائلة بذبحه وطهي اللحم، مع الأكلات التقليدية الأخرى، وعلى رأسها ''الطعام'' و''الشربة'' ختامها مسكه عسل ويعتبر تحضير الحلويات التقليدية الجزائرية ضرورة يلتزم بها كل جزائري ليستقبل بها العائدين من تأدية العمرة في رمضان فهي تعد لدى العديد ممن عقد النية مسبقا على أنها حج وعمرة في نفس الوقت، فتقوم العائلة الجزائرية المستقبلة للمعتمر بتحضير البقلاوة و''المقروط'' و''الصامصة'' وكلها مصنوعة من العسل حتى يكون ختام زيارته لبيت الله مسكه عسل إضافة إلى ''فتل'' الطعام، حيث تقوم ربة البيت بإعداده قبل أن يذهب المعتمر إلى البقاع المقدسة، وعند عودته يتم طهيه وتقديمه للضيوف ويتم تحضير الأكلات والحلويات بالتعاون مع الأهل والجيران في جو من الفرح وكأنهم في عرس. كما لا تغيب الصدقة والإحسان عن المجتمع الجزائري، حيث تعتبر عودة المعتمر بعد انقضاء رمضان مناسبة لتذكر الفقير والمعوز، حيث يقوم أهل بيت المعتمر بإطعام المساكين والفقراء، وذلك بأخذ قصع الكسكسي واللحم إلى المسجد أو مايسمى بالعامية ''البركة'' أو ''الوعدة'' وهناك من المعتمرين من يفتح بيته لإطعام المساكين لمدة تتراوح من 15 يوما إلى 20 يوما. لمّ شمل الأهل والأحباب لتقديم التهاني نظرا لاعتبار عودة المعتمر بعد انقضاء رمضان أكثر من مناسبة، فلابد من اجتماع الأهل والأحباب والجيران والمعارف كلهم يلتقون في بيت الحاج ويقدمون له التهاني والدعاء له بتعابير مختلفة منها: ''عمرة مقبولة وسعي مشكور وذنب مغفور، إن شاء الله''، كذلك: ''تقبل الله'' و''مبارك عليك العمرة''. وهناك من يهنئون بتقديمهم مبالغ مالية أو ما يسمى بالعامية ''باروك العمرة''، ويقوم المعتمر بدوره بإحضار الهدايا من مكة للأهل والأقارب منها ''قارورات ماء زمزم'' للتبرك والسبح والسجادة للصلاة، خاصة تلك التي صلى بها الحاج أمام بيت الله الحرام. وتبقى مناسبة عودة المعتمرين إلى ديارهم مناسبة غالية على المجتمع الجزائري ليتجسد ذلك في عادات وتقاليد تتمسك بعراها كل أسرة جزائرية.