في معرض بحثي عبر المواقع الالكترونية، بخصوص تعيين مبعوث شخصي للأمين العام الاممي للصحراء الغربية، تذكرت إحدى الأساطير الواردة الينا من الحضارة الاغريقية، والتي تحكي '' ... انه كان هناك صاحب فندق يمتلك عددا من الأسرّة ذات أطوال متساوية، لم يرغب ابدا في تغيير سرير أي نازل اذا لم يكن يناسبه، مع انه من حق أي نازل ان يوفر له الفندق كل شروط الراحة، بل عمد صاحب الفندق بدلا من ذلك، الى قص رجلي النزيل، حتى تتناسب مع طول السرير..". يوم أمس أعطت جبهة البوليزاريو موافقتها الرسمية على تعيين الأمريكي كريستوفر روس مبعوثا شخصيا جديدا للأمين العام الأممي في الصحراء الغربية، وأوضحت أنه بغض النظر عن شخص هذا الوسيط، فإنها مستعدة للتفاوض على أساس لوائح مجلس الأمن التي تقر كلها بضرورة ممارسة الشعب الصحراوي حقه في تقرير مصيره، وبالمقابل لايزال المخزن لم يعط بعد موافقته على تعيين روس... وكانت منظمة الأممالمتحدة قد أعلنت شهر سبتمبر المنصرم انتهاء عهدة بيتر فان فالسوم، بعد ان ثبت أنه لم يلزم الحياد، وحاول جاهدا جر مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى خانة التآمر، والتحايل على الشرعية الدولية مع انه ممثل للشرعية الدولية .. التخلي عن خدمات فالسوم، كان بمثابة الصاعقة التي حلت على المخزن المغربي، وجعلته يدخل مجبرا في دوامة من التوتر، وللتخلص من الوضعية المحرجة، أظهر استعدادا كبيرا لمنع تعيين أي مبعوث أممي جديد لا يكون على شاكلة بيتر فان فالسوم في العمق.... في وقت سابق تداولت وسائل الاعلام العالمية أنباء تعيين ''وارن كريستوفر'' وزير الخارجية الأمريكي الأسبق مبعوثا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة، وبمجرد أن تم الإعلان عن الاسم قبل تأكيده، شنت الصحافة المغربية حملة شرسة على ''كريستوفر'' لكون وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كان له دور بارز في عملية التنسيق مع الخارجية الجزائرية في عملية إطلاق سراح الرهائن الأمريكين الذي احتجزوا في السفارة الأمريكية في طهران. وحسب الصحافة المغربية فإن ''كريستوفر'' ربما لايزال يحمل في نفسه إقرارا بالجميل للجزائر وعلاقته بها مبرر قوي وكافٍ حسبها، لثبوت عدم حياديته... الجزائر، التي لم تتوان يوما في الدفاع عن حقوق الشعوب المضطهدة في كل العالم بما فيها حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وهو حق تكفله الشرعية الدولية...، فالنزاع في الصحراء الغربية - التي تعتبر آخر المستعمرات التي لم تنل حريتها واستقلالها - يتواصل منذ ما يزيد عن الثلاثين سنة، كما ان هذا النزاع ليس إقليمياً بقدر ما هو نزاع ذو صبغة قانونية، لأن الشعب الصحراوي يمتلك وفقاً للقانون الدولي كل الأسس للمطالبة بتحقيق حقوقه المشروعة في تقرير المصير والاستقلال وبناء دولته الخاصة به ذات السيادة.الآن.. وبعد أن انقشعت الضبابية حول شخص المبعوث الأممي الجديد، وتبين أن ''وارن كريستوفر'' ليس هو المبعوث المنتظر إلى الصحراء الغربية بل ''كريستوفر روس''، عادت الصحافة المغربية للتحامل على شخص روس السفير الأمريكي السابق في الجزائر بحكم علاقاته مع الجزائريين وعلى خلفية اللقاء الذي جمعه بالسفير الصحراوي بالجزائر، ووضعت الرجل في خانة ''المشكوك فيهم '' و''غير الموثوق '' في حياديتهم.. معنى ذلك باختصار أن المخزن المغربي يريد أن يفصل المبعوث الأممي الجديد على مقاس يناسبه، لينطبق ذلك تماما مع قصة صاحب الفندق في الأسطورة الأغريقية القديمة..