تزعزعت الساحة الثقافية في الجزائر على مرتين، الأولى فجائية على طريقة ملك الموت او عزرائيل في المخيال الشعبي، ومرة جهارا نهارا بتخطيط وتدبير مسبق، ولنبدأ الثانية. قام أول أمس رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بافتتاح صالون الجزائر الدولي 13 للكتاب، وسط حضور نوعي ومكثف لدور النشر الأجنبية، بقائمة مثخنة من العناوين، أو هكذا قيل لنا بأن معرض هذه السنة س ''يزهّي'' القراء في الجزائر، ويضربهم ذات اليمين وذات الشمال بأمواج 120 ألف عنوان التي نتمناها أن تكون عاتية. هذا الفعل الثقافي الذي بدا ناقصا في نظر الكثيرين لتغيب وجه ثقافي مبرز عنه، كثيرا ما ساهم في تحريك الفعل الثقافي ذاته في البلاد من خلال نشاطاته العديدة، وذوقه الذي لا يخطئ في إرضاء هذا وذاك ممن يمثلون خريطة الجغرافيا الثقافية في الجزائر، المتعددة بتعدد الحروف المركبة لكلمة الجزائر، منذ توليه منصب مدير المكتبة الوطنية الجزائرية. والحقيقة أننا ندرك بجمعنا أن دوام الحال من المحال، والخلود في المناصب وشيب الغربان توأم، لكن الطريقة التي أقيل بها الرجل لا تليق بمقامه بغض النظر عن قناعاته وتكوينه، إذ يكفيه فخرا أنه أعطى زخما متفردا لتظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية، بل كان ركنا ركينا فيها بقوة عمله، ومبادراته التي لن ينساها له المثقفون في الجزائر بكل ألوان طيفهم. الكلام السابق لا يعني أن أمين الزاوي نبي أو رسول أو مبرأ من الأخطاء ومنزه عنها.. لكن هفواته المُروَّج لها لا تكاد تكون شيئا أمام بحر حسناته في الرقي بمعلم من معالم الجزائر، وفي انتظار المزيد عن حيثيات الواقعة التي ربما ستكشفها لنا الأيام القادمة، لنتأسف قائلين ''ليته لم يقل بهذه الطريقة وفي هذا الوقت بالذات!''.