قراءة الشعر تعاني نوعا من الركود والتراجع تقريبا في العالم العربي كله، وهذا لايعني تأخر القصيدة عن التطور أو عجز الشعراء عن الإبداع، بقدرما يعود السبب إلى الانعكاس السلبي للتكنلوجيا على الإنسان التي وفرت عليه حتى جهد القراءة بالاستماع للقصيدة والرؤية البصرية، فهناك من لم يعرف نزار قباني أو غيره من الشعراء الرائعين، إلا من خلال القصائد التي تم غناؤها من طرف المطربين... أو من كان يسمع الشعر ويستعذب من خلال الأشرطة السمعية والبصرية... وهنا قد يقصي المستمع بعض مايريده الشاعر في... أو من خلال قصيدته، وبالتالي يستعذب السامع السماع لاطمئنان ذوقه... لا أكثر... الشعر قراءته ليست للتسلية، فالشعر يطرح على القارئ أسئلة يوصله إلى المجهول أو إلى اللامعقول؟ ويجعله يمارس فلسفته الخاصة في تفسير القضايا من المستوى العادي إلى المستوى المعقد... فالشعر لا يهتم بالذوق العام للقراء... بقدر ما يهتم بالفكر وطريقة التفكير ومدى مطابقتها للتعبير والإحساس... فعندما يقرأ القارئ القصيدة فهو يبذل جهدا فكريا وفنيا وشعوريا يصل به إلى فهم حقيقة الشاعر وقضايا الشعر وغايتهما الحضارية والإنسانية، لذلك فالعلاقة بين القارئ والشعر حتمية لا جدال فيها، القراء القدامى كانوا يعتمدون في حكمهم على القصيدة على الذوق بحكم الفطرة التي جبلوا عليها، والسليقة التي ألفوها. أما القارئ اليوم، فمن الصعب أن يفسر مضامين القصيدة من خلال السماع فقط... وهنا... لا يسعنا المقام إلا أن نقول.... شتان بين قارئ الأمس... ومستمع اليوم...