عائشة، سمية، آسيا، زينو، بوعلام والآخرون، أطفال جمعتنا معهم دردشة حاولوا هم أيضا نقل معاناتهم للسلطات وبطريقة فريدة من نوعها وجد متحضرة، إذ أكد لنا أحد الأطفال قائلا: ''هذه الظروف لا تساعدنا على الدراسة، فما عسانا نفعل سوى العمل من أجل ذلك بكل ما أوتينا من قوة و''ربي يفرج أن شاء الله''. أما زينو فأكد لنا أنه من هواة الانترنت ويعشق كثيرا الكمبيوتر، متأسفا في الوقت نفسه من صعوبة واستحالة اقتناء حاسوب نظرا لانعدام إمكانية ربطه بذلك المكان، قائلا:'' في هذا المنزل لا تستطيع حتى أن تشتري تلفازا لمشاهدة الأخبار أو أن تطلع على أهم الأحداث الوطنية والدولية، وإذا تم ترحيلنا إلى سكنات اجتماعية فأول شيء أقوم به هو إدخال الكومبيوتر إلى بيتنا''. ورغم المعاناة اليومية لسكان الحي إلا أننا تلمسنا أجواء مليئة بالفرحة والبهجة والأمل لأطفال أكدوا لنا أنهم كلهم ثقة في أنهم سينجحون في دراستهم. ومصالح الحماية والأمن الوطني قدمت العون في العديد من المرات قبل مغادرتنا المكان وغير بعيد عن ''لوتيسمو فلورونس'' بحوالي أربعة أمتار تقريبا، يتواجد حي آخر تابع لبلدية وادي قريش، حيث استنجدت عائلة ''قرموش بلقاسم'' المتكونة من 8 أفراد بنا وخرجت تترقب قدومنا لتقطع طريقنا لا لشيء إلا لكي تعبر لنا عن المعاناة التي تتخبط فيها داخل البيت المعرض هو الآخر للانهيار نتيجة التصدعات البليغة التي تعرضت لها جدران وأسقف البيت منذ زلزال ,2003 حيث تم على إثرها تصنيف المنزل حسب ما أكده السيد بلقاسم ضمن الخانة الحمراء من الدرجة الخامسة، إلا أنهم لا زالوا يقطنون به، والخطر يتهددهم في أية لحظة جراء الثقوب والانشقاقات المحيطة بهم من كل الجوانب، وبدخولنا البيت اكتشفنا أننا داخل إحدى كهوف حي ''لوتيسمو فلورنس'' نتيجة وضعية البيت الخطرة التي لا تصلح للترميم بل للهدم، كما أن مياه الأمطار تتدفق إليه من كل مكان نتيجة الانشقاقات المتعددة. ولقد أكدت لنا ربة البيت أن كلا من مصالح الحماية المدنية والأمن الوطني قد حضرت في العديد من المرات لمساعدة السكان، كما توافدت على الحي مختلف وسائل الإعلام من مكتوبة إلى مرئية ممثلة في قناة التلفزيون الجزائري، التي عرضت حسب المتحدثة على الشاشة وفي نشرة الواحدة والثامنة على التوالي معاناة السكان مع الخطر إلا أن مصالح البلدية لم تتحرك. من جهته رب العائلة كشف لنا أن المنزل الذي يسكنه وأفراد عائلته متكون من 5 منازل كانت مؤجرة لخمس عائلات، كانوا يتقاسمون معا المعاناة، غير أنه منذ شهر جويلية 2007 قامت مصالح البلدية بترحيل العائلات الخمس إلى كل من بلدية عين البنيان وزرالدة تاركة عائلة ''قرموش'' بمفردها لأسباب لا تزال مجهولة. رسالة للسلطات البلدية لم تشأ العائلات أن تضيف شيئا عما شاهدناه بأعيننا من معاناة يومية، سوى توجيهها رسالة مستعجلة إلى جميع السلطات المعنية، التي كانت من قبل حسب مصادرنا قد أكدت بنفسها خطورة الوضع الذي تواجهه العائلات بحي ''لوتيسمو فلورنس''، دون أن تحرك ساكنا. لذلك فلقد أكدت العائلات التي اقرتبنا منها وعايشناها أنها تحضر لاحتجاج صغير أو اعتصام بالقرب من دار البلدية المعنية التي تماطلت كثيرا في ترحيلهم إلى سكنات أخرى، على الرغم من أن العمارتين السابق ذكرهما، مصنفتان ضمن الخانة الحمراء، ما يعني عند التقنيين المختصين في مجال الترميم والبناء أنها غير صالحة تماما للسكن، وبما أن الوثائق تثبث ذلك فإن العائلات على أتم الاستعداد للاعتصام وبطريقة متحضرة أمام البلدية قبل أن تنهار العمارتان، محملين المسؤولية التامة في حالة حدوث أي مكروه للسلطات المحلية التي لم تقدر الوضع الكارثي الذي يتخبط فيه سكان ''لوتيسمو فلورنس''، في ظل الأحوال الجوية المتذبذبة التي تشهدها جل مناطق الوطن. وبعد كل ماذكر، ألا يستحق سكان ''لوتيسمو فلورنس'' مخطط عمل استعجالي في إطار القضاء على السكنات الهشة بالعاصمة من قبل مصالح بلدية الأبيار، أو الدائرة الإدارية لبوزريعة، أو حتى ولاية الجزائر لإنقاذهم؟