بدأ التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي أسبوعه الثالث، وسط استمرار قصف الطيران الفرنسي لمواقع للمسلحين استهدف هذه المرة أسونغو الواقعة على بعد 80 كيلومترا جنوب مدينة غاو قرب الحدود مع النيجر. يأتي ذلك بينما أفادت مصادر فرنسية عن دوريات مشتركة بين الجنود الفرنسيين والماليين قاموا بها لأول مرة ليلة أمس في جنوب مدينة غاو. وقال مسؤول في الجيش المالي إن الطيران الحربي الفرنسي نفذ ليل الأربعاء إلى الخميس ضربات جوية كانت محددة جدا وأدت إلى خسائر في صفوف المسلحين، حيث دمرت قواعدهم في بلدة سينا سونراي على بعد خمسة كيلومترات من أسونغو، وهي إحدى المدن الرئيسية بشمال مالي التي يحتلها المسلحون. ومن جهته، أكد مصدر أمني نيجيري هذه المعلومات، وقال إن الطيران الفرنسي دمر أكبر قاعدتين للمسلحين في أسونغو، فضلا عن إصابة مخزن للأسلحة والوقود. يأتي القصف الفرنسي في الوقت الذي تواصل فيه القوة الأفريقية -التي وافقت الأممالمتحدة على انتشارها في مالي- تحركها باتجاه وسط مالي. ووصل 160 جنديا من بوركينا فاسو إلى مركالا (270 كلم شمال باماكو) ليحلوا محل الفرنسيين. وهناك أكثر من ألفي جندي تشادي و500 نيجيري بصدد الانتشار في والان بالنيجر على مقربة من الحدود المالية، وسيتم تكليفهم بفتح طريق جديدة لمقاتلة المجموعات المسلحة في مالي. من أحد شوارع مدينة تمبكتو وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في تصريح سابق إن "القوة الأفريقية تنتشر بسرعة أكبر من المتوقع". وأضاف أن ذلك يفرض عددا من الصعوبات اللوجستية، مشيدا بما سماها الجهود الأفريقية من قبل الأصدقاء الأفارقة. وترى الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى ضرورة بقاء القوات الموجودة في مالي للحيلولة دون أن تتحول أفريقيا الوسطى إلى "مالي جديدة". وقالت مارغريت فوغت في تصريح للصحافيين "إن هؤلاء الجنود الأجانب، وخصوصا من الفرنسيين والجنوب أفريقيين والتشاديين"، يجب أن يساهموا في "إيجاد حاجز ضد النار في أفريقيا الوسطى لمنع تكرار ما يحصل في الساحل هنا". واعتبرت المسؤولة الأممية أن الأسرة الدولية يجب أن تكون الآن منخرطة بشكل أكبر على الصعيدين الدبلوماسي والمالي، لمنع جمهورية أفريقيا الوسطى من أن تغرق في الفوضى، معتبرة أن "جمهورية أفريقيا الوسطى تحتل موقعا إستراتيجيا، لأن ما يحدث فيها سيكون له أثر على كل دول المنطقة". وكانت الأممالمتحدة أجازت نشر قوة تضم 3300 جندي برعاية المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي تضم 15 دولة، ويمكن لمشاركة تشاد -غير العضو في المجموعة- أن تعزز الانتشار الأفريقي بألفي جندي آخرين. أما في تمبكتو التي تعرضت في وقت سابق لقصف الطيران الحربي الفرنسي، فقد بدأ الهدوء يسودها، ولكن وسط تقارير تتحدث عن مشاكل تعانيها المدينة منها انعدام الماء والكهرباء، إضافة الى فرار قسم من السكان منها بعد فرار المسلحين منها. وبحسب سكان نقلت شهادتهم وكالة الأنباء الفرنسية، فقد ظل المسلحون يؤمنون إمداد تمبكتو بالمياه والكهرباء، لكن مع رحيلهم لم يعد هذا الأمر متوافرا. بينما وصف المستشار البلدي في منطقة تمبكتو مختار ولد كيري تمبكتو بأنها "مدينة أشباح". وأقر مصدر أمني إقليمي أن أبرز قادة المجموعات المسلحة "انكفؤوا الآن في منطقة كيدال" في أقصى شمال شرق مالي، في اليوم 14 للتدخل العسكري الفرنسي في البلاد.