النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون حول مكافحة الإرهاب ومنع التطرف العنيف المؤدي للإرهاب، من خلال تعزيز التعاون بين الأممالمتحدة والمنظمات والآليات الإقليمية، بنيويورك. والتي جاءت كالتالي: "بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين – فخامة الرئيس وأخي العزيز فيليب جاسينتو نيوسي، رئيس جمهورية موزمبيق الشقيقة، ورئيس مجلس الأمن خلال هذا الشهر، – أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات المشاركة، – السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، – السيد موسى فقي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، – أصحاب المعالي والسعادة، – السيدات والسادة. يسعدني في مستهل كلمتي أن أهنئكم فخامة الرئيس، وبلدكم الشقيق جمهورية موزمبيق على رئاستكم المتميزة لأشغال مجلس الأمن طيلة هذا الشهر، منوها بجهودكم الحثيثة بصفتكم أحد الأعضاء الأفارقة الذين دأبوا منذ بداية عهدتهم في مجلس الأمن على إعلاء صوت قارتنا والدفاع عن تطلعاتها. وأضاف الرئيس تبون قائلا: "ولا شك أن مبادرتكم بتنظيم هذا النقاش رفيع المستوى حول موضوع بالغ الأهمية بالنسبة لإفريقيا، تمثل خير دليل على تفانيكم في طرح انشغالات وهموم دول قارتنا، لاسيما بالنظر للتهديدات المتزايدة التي تشكلها آفة الإرهاب والتطرف العنيف على الدول والشعوب الإفريقية. :" بالفعل، السيد الرئيس، لقد أضحت قارتنا في العشرية الأخيرة أكثر تأثرا من أي منطقة أخرى في العالم بهذه الآفة في ظل امتداد واتساع رقعتها الجغرافية إلى وجهات كنا نعتبرها في مأمن من شر الإرهاب، ومنها بلدكم الشقيق الذي نجدد بهذه المناسبة تضامننا التام معه ودعمنا الكامل للجهود المبذولة تحت قيادتكم الحكيمة لمواجهة هذا التهديد. كما لا يخفى على أحد في هذا المجلس الموقر أن تنامي حدة هذه الآفة في العديد من المناطق الإفريقية، وبالخصوص في منطقة الساحل والصحراء، أضحت تشكل الخطر الأبرز على أمن واستقرار القارة، فضلا عن تقويض جهود التنمية الاقتصادية وتجسيد أهداف أجندة 2063. من هذا المنطلق يضيف رئيس الجمهورية وبالنظر لما لمسناه من تراجع اهتمام المجموعة الدولية بهذا الموضوع في سياق عالمي يتسم بالاضطراب والاستقطاب، وجب التأكيد مرة أخرى أن ما تواجهه إفريقيا هو تهديد عالمي لا يعترف بالحدود ولا يرتبط بأي دين أو عرق أو جنسية. مثلما لا ينبغي بأي حال من الأحوال مساواته بالنضال المشروع للشعوب الرازحة تحت الاحتلال من أجل استرجاع حقوقها المسلوبة، وعلى رأسها حقها غير القابل للتصرف أو التقادم في تقرير المصير والاستقلال على النحو المنصوص عليه في قرارات الشرعية الدولية. واكد رئيس الجمهورية خلال نفس الكلمة إن الجزائر التي تمكنت في تسعينيات القرن الماضي من مواجهة ودحر شرور الإرهاب وسط غياب شبه كلي للدعم المادي والمعنوي المنتظر من المجتمع الدولي، تواصل اليوم بنفس الروح جهودها الرامية لمساندة أشقائها في جوارها المباشر على الصعيد القاري في حربهم ضد الارهاب والتطرف العنيف، مسترشدة في ذلك بتجربتها المريرة والناجحة في ذات الوقت. وفي هذا السياق، أود أن أطلع مجلسكم الموقر على المبادرة التي تقدمت بها الجزائر بهدف اضفاء ديناميكية جديدة على جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، والتي تمت المصادقة عليها شهر أكتوبر 2022 من قبل الدول الأعضاء في لجنة الأركان العملياتية المشتركة (CEMOC) والتي تضم كلا من الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر، وتتمثل الأهداف الرئيسية لهذه المبادرة في إعادة تنشيط دور لجنة الأركان العملياتية المشتركة (CEMOC) من خلال تكييف مهامها وتنظيمها بالشكل الذي يسمح لها بمواكبة التحديات الراهنة، وتقديم مساهمة فعلية في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وعلى الصعيد القاري، قال الرئيس تبون وبحكم توليها مهام منسق الاتحاد الافريقي للوقاية من هذه الآفة والتصدي لها، تواصل الجزائر مساعيها الرامية للمساهمة في تعزيز العمل الافريقي المشترك في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، لاسيما عبر المساهمة في: – أولا: وضع خطة عمل جديدة للاتحاد الإفريقي في مجال مكافحة الإرهاب، – ثانيا: تفعيل الصندوق الإفريقي الخاص بمكافحة الإرهاب، – ثالثا: وضع قائمة إفريقية للأشخاص والمجموعات والكيانات المتورطة في أعمال إرهابية بما في ذلك المقاتلين الإرهابيين الأجانب، – رابعا: تجسيد مشروع الأمر بالقبض الإفريقي. علاوة على ذلك، تواصل بلادي "قال الرئيس تبون" دعمها للآليات والوكالات الافريقية المتخصصة في هذا المجال، خاصة المركز الافريقي للدراسات والبحوث المتعلقة بالإرهاب (ACSRT) وآلية الاتحاد الأفريقي للتعاون الشرطي (AFRIPOL) وهما الآليتان اللتان تتشرف الجزائر باحتضان مقريهما، فضلا عن لجنة أجهزة الأمن والاستخبارات الأفريقية (CISSA) الكائن مقرها بأديس أبابا. مضيفا:"إن الجهود الكبيرة التي تبذلها الدول الافريقية بصفة جماعية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، على قدر أهميتها، تظل بحاجة إلى دعم ومساندة المجموعة الدولية. فقناعتنا تبقى راسخة أنه في مواجهة تهديد عابر للحدود والأوطان، مثلما هو الحال بالنسبة لآفة الإرهاب، لابد من إعمال التضامن والتعاون الدوليين ضمن مقاربة شاملة تتجاوز علاج الأعراض لتنصب على الأسباب الجذرية لهذه الآفة والعوامل المغذية لها. ولذا ندعو شركاءنا الدوليين إلى العمل بصفة ثنائية وجماعية في إطار الأممالمتحدة على دعم الجهود الافريقية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، لاسيما عبر السعي لتحقيق الأهداف التالية: – أولا: تعزيز قدرات الدول الافريقية، – ثانيا: منع استخدام أراضي الشركاء الدوليين كمنصات للتحريض أو دعم أنشطة إرهابية في دول أخرى، مع مضاعفة الجهود لتفادي المساهمة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في تمويل الإرهاب، – ثالثا: دعم الآليات والعمليات المشتركة المفوضة من قبل الاتحاد الافريقي لمكافحة الإرهاب، خاصة عبر الفصل في مسألة تمويلها باللجوء إلى ميزانية الأممالمتحدة، – رابعا: العمل على بلورة جيل جدديد لعمليات حفظ السلام بحكم أن النموذج التقليدي لهذه العمليات لم يعد يتماشى مع الواقع والتهديدات الجديدة، لاسيما مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة، – خامسا وأخيرًا: الاستثمار أكثر في التنمية الاقتصادية بالقارة الافريقية، انطلاقا من التجارب الواقعية التي تثبت يوما بعد يوم أنه لا يمكن تحقيق استقرار مستدام دون تنمية مستدامة. وفي هذا الإطار، قررت مؤخرا ضخ مبلغ واحد (01) مليار دولار أمريكي في ميزانية الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية بغية المساهمة الفعلية في دفع عجلة التنمية بالقارة الافريقية. السيد الرئيس، تلكم بعض الأفكار التي وددت أن أتقاسمها معكم اليوم في إطار هذه الجلسة الهامة، مجددا التزام الجزائر الدائم بمواصلة جهودها لتجسيد العهدة القارية الموكلة إليها في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف. كما أود أن أعرب لكم عن تطلعنا لتعزيز مساهمتنا في هذا المجال وفي مجالات أخرى عبر ترشيح الجزائر لشغل مقعد غير دائم في هذا المجلس الموقر خلال الفترة 2024-2025 وغايتنا الأسمى في ذلك تبقى تكثيف التعاون مع الأشقاء الأفارقة والشركاء الدوليين للحفاظ على السلم والأمن في العالم."