صدر عن دار "بهاء الدين للنشر والتوزيع" الجزائرية، كتاب جديد موسوم ب"سلطة المقدس.. الإنسان والتاريخ في الخطاب الديني" للكاتب والإعلامي محمد بغداد، وهو دراسة متخصصة، تبحث في جذور الخطاب الديني المعاصر، انطلاقا من مرجعيته الكبرى، ونصوصه التأسيسية؛ وقد تناول الكتاب إشكالية غاية في التعقيد، تتمثل في الإنسان والتاريخ في الخطاب الديني، ليكون الكتاب جامعا بين الدقة العلمية، الموجهة للنخب، وبين الأسلوب الإعلامي السلس. بمنهجية أكاديمية، وأسلوب علمي، يقوم الكاتب محمد بغداد بتتبع التاريخ الثقافي والاجتماعي، للمنظومة الفكرية الإسلامية، وبالذات في عصور التأسيس، بالوقوف عند المدارس الإسلامية الكبرى، في وضع المنهجية العلمية لهذه المنظومة، في مختلف الميادين، وهي الإشكالية التي يكون محمد بغداد قد تمكن منها، بفضل تمكنه المتخصص في الدراسات الإسلامية. كتاب سلطة المقدس، يناوش علاقة النص الديني المقدس الخام، في مستوياته العليا، وتلك الاستجوابات التي قام بها المثقف في مختلف العصور، متوقفا عن مساحات الاستجوابات الفكرية، وتجلياتها الميدانية في حياة الناس أفرادا وجماعات، وهي التجليات التي أنتجت منظومات قيمية وتأطيرية، تجاوزت المراحل التاريخية الزمنية المحدودة. وقد برّر محمد بغداد، انخراطه في هذه الإشكالية عبر التأكيد على أن المرحلة الحالية من حياة العرب والمسلمين تعرف بارتفاع سقف الجدل وتوسّع مساحات الحجاج، الذي يستند إلى المنظومة الفقهية والأصولية الإسلامية، ويتخذ من تعقيدات الحياة اليومية وسيلته الأساسية، مما يتطلب ضرورة البحث في الأصول المعرفية لهذه المنظومة، عبر قراءة علمية من داخل أدبياتها. الكتاب الجديد لمحمد بغداد دراسة مهمة في المشهد الثقافي والسياسي، الذي تتزاحم فيه صراعات الخطابات السياسية والإيديولوجية، وبالذات تلك المتعلقة بالتيارات الإسلامية معتدلة ومتطرفة، في مقابل خطابات التيارات العلمانية اليسارية والليبرالية، مما يجعله يضع النقاش حول القضايا الكبرى والأساسية التي تسهم في النقاش، وهو بذلك يكشف عن النصوص المؤسسة للخطابات ومدارسها وخلفياتها. ,كتاب سلطة المقدس، تضمّن مقدمة دافع فيها بغداد مطولا عن ضرورة التناول العلمي للخطابات الدينية اليوم، بعيدا عن التوظيف الإيديولوجي؛ وأربعة فصول أخرى، الأول تناول فيه مفهوم الفقيه وعلاقته بالتاريخ، والثاني عرض فيه أسس ومنهج المنظومة المعرفية، والثالث فكك فيه حدود السلطة وامتداداتها على الإنسان، ورابعا جعلها دعوة مفتوحة للحوار.