يحلق الروائي الجزائري أمين الزاوي في روايته الأخيرة "Le miel de la sieste" عسل القيلولة فوق سماء المجتمع الجزائري مستعرضا معضلاته من خلال بطل القصة التائه بين حتميات تفرضها الحياة وماض مجهول. و يعود الزاوي في هذه الرواية التي تقع في 198 صفحة والصادرة عن منشورات البرزخ إلى معضلات المجتمع التي يزرعها كحواجز تعترض مسار الشخصية الرئيسية للرواية، وبذلك يشدد الكاتب على إظهار الجوانب النفسية لبطله الذي يشكو من تشوهات جسدية في مناطق حساسة ومن عزلة في وسط الأسرة فرضت عليه من قبل والده فيأبى لاحقا أن يسامحه، يتجلى أيضا تذبذب شخصية البطل في تردده في تحديد طريقه في الحياة حيث انه و بعد دراسة عسكرية يجد نفسه في بروكسيل حيث يعيش عمه الذي يعشق الجعة و بنات الليل وهناك يختار أنزار دراسة تاريخ الفن المعماري بالتخصص في المقابر ... و في سن ال40 يجد البطل نفسه مهووسا بتساؤلات ملحة ذاتية وأسرية و عقائدية خاصة ما تعلق منها بتظاهر والده بالتدين وأيضا حبه في مرحلة الطفولة لقريبة اختفت لاحقا من مصحة الأمراض العقلية التي تركها بها أهله، يواصل بطل هذه الرواية التي تحمل الكثير من الإيحاءات لشعراء و سينمائيين في هذيانه فهو يقع فجأة في حب زميلته التي تشبه النجمة العالمية ريتا هايوورث (RitaHayworth) كما يلهو بتخيل قريبته بصحبة كلب جان سيناك كلب يردد في نباحه شعارات اشتراكية، كما يعرج الكاتب بسرعة في الرواية على بعض الصراعات السياسية التي ميزت مرحلة الاشتراكية وبنفس الوتيرة يتطرق للعشرية السوداء مستغلا مكالمة هاتفية لبطل القصة يرتل فيها أسماء المثقفين الذين اغتيلوا بوحشية من طرف الإرهاب والذين يأبى ذويهم المسامحة. و يلجأ المؤلف في هذه الرواية التي لم يراع فيها الترتيب الكرونولوجي إلى التلاعب بالقارئ الذي يجد نفسه مرتبكا في فك رموز هذيان البطل التائه بين حقيقة ذكرياته و خيال هلوسته، توظيف الكاتب للمرجعيات التاريخية و الأدبية و الإيحاءات و للغة فظة تذكر بروايته Le dernier juif de Tamentit (آخر يهود تمنتيت) التي صدرت باللغة لبفرنسية عن نفس الناشر في 2013، وعلى العكس من ذلك هناك تباين بين رواية Le miel de la sieste والرواية الأخرى للزاوي الملكة التي صدرت مؤخرا بالعربية عن منشورات الاختلاف والتي أتت على شكل مرافعة ضد المظاهر السلبية في المجتمع حيث يتعرض بعمق للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية لجزائر اليوم.