شكلت رائعة "نجمة" لكاتب ياسين و اعماله الادبية و المسرحية الاخرى موضوع نقاش ثري بمناسبة الملتقى العلمي الذي نظم يوم الخميس بقاعة الاطلس خلال فعاليات الطبعة الثالثة للمسرح المحترف . و قد ابرز المشاركون في هذا الملتقى الذي نظم تكريما لروح هذا الاديب والمناضل من ادباء و مسرحيين و نقاد جزائريين وعرب ان روايته "نجمة" قد ابهرت عالم الادب. واعتبر الاستاذ جمال ادم من الامارا ت في مداخلة بعنوان "كاتب ياسين ...المسرح في مواجهة الحياة "ان رواية نجمة من اهم ما قدم في الرواية العربية و ان هذا العمل الادبي كان حاضرا في كل اعمال كاتب ياسين من اشعار و نصوص مسرحية. و اضاف الناقد بشان هذه الرواية التي يعتبرها الكثير صعبة الفهم انه عمل يستدعي اكثر من قراءة . و من جهته اكد الجامعي و الروائي و المترجم سعيد بوطاجين ان لغة نجمة لغة شعرية و هي تحمل فعلا الكثير من الاشعار التي تغزل فيها الكاتب بحبيبته وقريبته نجمة لكنها ايضا كما قال لها مستويات لغوية اخرى كيفها الكاتب مع قدرات مختلف شخوص الرواية. كما ذكر المتحدث بالمحيط السياسي و الاجتماعي الذي كتبت فيه الرواية وايضا بتأثر الكاتب بالأدب الأوربي خاصة كتابات بروست و الكتاب اليونانيين المعاصرين. وتطرق المتدخلون خلال اشغال الملتقى الى شخصية الرجل معتبرين كاتب" ثوريا" وليس "كاتبا متمرد ا" كما يدعي البعض فهو يؤمن كما اكدوا بقضايا التحرر في العالم مشيرين الى ان نضاله من اجل الجزائر و مواقفه الثورية بارزة في مختلف اعماله الابداعية حيث يوجد رمز الحرية و الاستقلال و كما ان تعاطفه و مساندته للقضايا العادلة مؤكدة في اعماله كما تجسده مسرحية فلسطين المخدوعة او "مجزرة الامل". و من بين النقاط الاخرى التي اثيرت بالمناسبة مكانة المراة في الاعمال الابداعية لكاتب ياسين حيث الى جانب روح نجمة التي تسيطر على جميع ابداعاته فان صورة المراة مرموقة لدى كاتب ياسين حيث قال المشاركون ان المراة كانت حاضرة بقوة في مسرحية " الجثة المطوقة" كما انها تظهر ثائرة في مسرحية "الاجداد" . و لم يفوت الملتقى فرصة الحديث عن التجربة المسرحية الفريدة لياسين الذي لجأ الى توظيف اللغة العامية في مسرحه الشعبي لكي يصل الى كل الفئات خاصة البسيطة والمهمشة بعد ما كانت ابداعاته الادبية من رواية و شعر باللغة الفرنسية و هي لغة المستعمر التي استعملها لمواجهته بصفتها غنيمة حرب كما صرح مرارا . وذكر الاديب واسيني لعرج في مداخلته باهمية مفهوم الحقيقة لدى كاتب و الذي دافع عن هذه الحقيقة كما قال بكل قوة لانه كان مؤمنا بان ما اخذ بالقوة لا يعاد الا بالقوة . و الى جانب المدخلات الفكرية قدمت بالمناسبة اشرطة تناولت محطات هامة من حياة الرجل الى جانب شهادات من المقربين له كما عرض ايضا تركيب للصور بايقاع شعري من تصميم عبد السلام يخلف استرجعت فيه ذاكرة المكان من بيت عائلي و المحيط الذي نشا فيه الكاتب و مدى تاثيرها على شخصيته و ميوله . و اقيم ايضا بالمناسبة معرض شمل مؤلفات كاتب ياسين و صور و وثائق هامة ورسائل كتبت بخط يده و ايضا مؤلفات و مقالات حول اعماله. قالو عن كاتب ياسين و نجمته في يومه الدراسي "كاتب ياسين " في يوم دراسي وسيني الأعرج يصرّح كاتب ياسين كان يكره المسرح النخبوي خصّص المهرجان الوطني للمسرح المحترف يوما دراسيا بقاعة الأطلس أول أمس، لمناقشة الروائي كاتب ياسين كاتبا وسياسيا ومسرحيا مع مجموعة من المختصين على غرار وسيني الأعرج، عاشور بوزيان، السعيد بوطاجين، رزان محمود إبراهيم من الأردن، جمال آدم من الإماراتالمتحدة، نواف يونس مدير تحرير دبي الثقافية. اعترف واسيني الأعرج أن الجزائر فقدت روائيا عالميا، بحجم الراحل كاتب ياسين لإكتفاءه برواية نجمه، مضيفا أنه ريبرطوار أعماله كان يمكن أن يحمل قائمة طويلة من الروايات، لو أنه لم يتّجه إلى المسرح، وتفضيله للغة الشعبية، واستطرد واسيني خلال مداخلة بعنوان "كاتب ياسين..الثائر المتمرد"، بقاعة الأطلس بباب الواد بالعاصمة. أن الكاتب تبنى موقفا مفاده أنه لا بد للمسرح أن يكون لصيقا بالمجتمع واللغة التي يفهمها. أصيب بتيمة إستلاب الوطن والأم في رواياته، طاردته لعنة الإستعمار، وأصيبت والدته بالجنون بعد اعتقادها أنه قتل في مظاهرات ماي 1945، روايته "نجمة" مشبعة حدّ الإنفلات، ويصعب تفكيك شفراتها لإرتباطها بشخصيته، هو كاتب سابق لعصره بدعوته إلى التعدد اللغوي وتكريس الهوية الجزائرية، يمثل نموذجا لجيل بكامله على شاكلة أسيا جبار، مالك حداد ومولود فرعون، والجزائر خسرت روائيا عالميا لأن كاتب ياسين اكتفى برواية نجمة، وكان بإمكان مسريته أن تجمل الكثير من الأعمال لولا أنه لم يتوجه إلى المسرح، ويخلد للغة العامية ليكون قريبا من المجتمع هذا ما جاء في وصف الروائي واسيني الأعرج، للراحل كاتب ياسين روائيا، مسرحيا وسياسيا. استرجع الأعرج خلال مداخلته، شباب كاتب ياسين، تحدث عن مشاركته في مظاهرات 1948، قال عنه أنه كان رجلا سجاليا ولا يقتنع بسهولة، مردفا بالقول أنه لم يكن رجلا جاهزا أو خطابيا، كان يعتبر أن اللغة الفرنسية غنيمة حرب، ولجأ إلى اللغة العامية ليكون قريبا من الواقع، ولأنه كان يعترض على المسرح النخبوي على حدّ تعبيره. من جهتها اعتبرت الدكتورة الأردنية أن كاتب ياسين لامس الكثير من الرموز، واستفز الذاكرة، ووصفت عمله بأنه استطاع أن ينقل رائحة التاريخ الجزائري رغم لغته الفرنسية، أما الأكاديمي سعيد بوطاجين أكد دراسة واسني الأعرج كانت أهم ما كتب عن الراحل، وأن بقية ما كتب عنه جاء سطحيا في الغالب، ونقل عاشور بوزيان بعض الحميميات التي دارت معه حول الكاتب، جاء فيها أن كاتب ياسين قال له "أكتب بالفرنسية لأتنقم من الإستعمار الفرنسي". أحمد منور كاتب ارداد مخاطبة الناس باختلاف مستوياتهم اعتقد أن كاتب ياسين وفق في مخاطبة الناس، فالجزائر بعد 62 خرجت بنسبة عالية من الأميين، فقراره الكتابة بالعامية كان بهدف ان يفهمه الجميع، ياسين بطبعه متمرد، لا يقبل الجاهز، فهو رجل ينظر للأشياء من الجانب النقدي وهذا امر ممتاز ومهم في اعماله كلها. أنا أرى أن كاتب تأثر بجون فيلار، المثقف الذي أسندت له مهمة القيام بالمسرح الشعبي في فرنسا، وكان لها أثر كبير و جيد، واستفاد ياسين من هذه التجربة، حيث قدم المسرح في شكل شعبي بسيط ، إخراجا و لغة يقدم في اي مكان، كاتب بفيلار يؤمنان بتوجيه الثقافة الى عموم الشعب. عبد الحميد حباطي: كاتب ياسين لقننا دروسا في المسرح أخشى ان أخطأ في حق ياسين عند الحديث عنه، بكل تواضع أرى أنه شخصية عميقة للغاية، تثير في نفسك اسئلة كثيرة، وليس أي شخص يمكن الخوض في اعماله واسلوبه في تعاطي مواضيع الحياة والفكر. لهذا السبب يتفرق الناس عند التطرق لحياة ياسين، فيبدو لفريق شخصية أدبية ومسرحية غامضة، فيما يتوصل آخرون إلى فك رموز أعماله وفهم أبعادها الاجتماعية والثقافية و الفنية....مهما كانت صفة التعامل مع كاتب الا اننا لا يمكن اغفال النظر عن لمسته، فقد سمح للبعض في فهم اهمية المسرح، التعرف على طرق ادبية جديدة. الشريف لدرع: ياسين خليفة رشيد قسنطيني تعرفت الى كاتب ياسين كمتفرج أولا، كنت اذهب لمتابعة كل ما يتعلق به، وقد اعجبت وما أزال بمسرحية "غبرة الفهامة" التي قدمتها فرقة "الكراك" بقسنطينة سنة 1971، في قاعة "موغادور" واعتبرها أحسن ما قدم لحد الآن فيما يتعلق بهذه القطعة التي اشرف عليها الهاشمي نور الدين. بعدها ربطتني به علاقة القارئ، فاطلعت على نصوصه مترجمة ، الى أن حانت مرحلة الجامعة، في 71 حينما بدأ ينشط في "مسرح البحر" و محيط العمال، وقد كانت فترة ثرية تزودنا فيها بمسرحه المميز شكلا ومضمونا، بالنسبة لي يمثل كاتب جهدا لإحياء تقاليد المسرح الشعبي الذي بدأه رشيد قسنطيني، كاتب يلخص تاريخ المسرح من الناحية الفنية و يعكس مضمون فكري و ايدلوجي. د. رزان ابراهيم رائحة الحياة الجزائرية تشم في كتابات ياسين كانت رائحة الكتابة الجزائرية تظهر من خلال روايات كاتب ياسين، و "نجمة" في نظري يجب ان تقرأ جمالياتها ضمن الفترة ما بعد الكولونيالية، فهي في نظري واحدة من السرديات الكبرى على حد تعبير الراحل إدوارد سعيد، وبتعبير اخر هي محفز للشعوب كي تنتفض، اصلا كان ياسين ينتقد الاخر و ذاته في ان واحد، حينما كان يعارض افكار قبيلته، ويدعو الى الحد من زواج الاقارب وعلاقة الاباء بالابناء مثلا. مخيلة كاتب ياسين بحاجة الى دراسة، نظرا لغناها وثرائها، خاصة عندما يحيل الشخصيات الى حيوانات مثل النسر العجوز أو النمر، فهذا انفراد في حد ذاته. جعفر انال: ياسين كان متعبا مثقلا بهمومه عندما تلقيت نبأ وفاة صديقي ياسين كنت يومها في معرض للاحد الاصدقاء التشكيليين، لم اصدق ما سمعت ورحت اسرع الى السفارة اطلب فيزا لالتحق به. توفي ياسين في غرونوبل حيث شهد اخراج اول مسرحية له سنة 1961 من قبل المخرج جون ماريي سيرو في بروكسيل. كنا اصدقاء جدا، الا انه كان متعبا من الحياة في المركز الاجتماعي ببن عكنون، لم يترك لنفسه فرصة الشعور بالوحدة، كان يقرأ لدرجة عالية من التركيز خاصة لفولكنر في تلك المرحلة، بالموازاة كان يزوره اصدقاء و معجبين بابداعه، شخصيات وطنية وثقافية مثل علي زعموم، رشيد ميموني، اسيا جبار، و طلبة وممثلين كان يطمح معهم تحقيق حلم مجلة "أكسيون كولتيرال". لم يكن يحب ايضا الرسائل الطويلة، لهذا في كل سفرية له كان يبعث ليي ببطاقة بريدية مع كلمة قصيرة مميزة