تباينت الآراء السياسية بشأن تركيبة حكومة الحبيب الصيد بين من اعتبرها حكومة وحدة وطنية واعدًا بتزكيتها، وبين من وصفها بحكومة ترضيات ومحاصّة رافضا منحها الثقة عند عرضها على البرلمان يوم الأربعاء القادم.وتشكّلت الحكومة من أربعة أحزاب وبعض المستقلين، فإضافة إلى حركة نداءتونس الفائزة في الانتخابات التشريعية وحليفها حزب الاتحاد الوطني الحرّ، أشرك رئيس الحكومة حزب حركة النهضةالإسلامي وحزب آفاق تونس.وعلى الرغم من الضغوط المسلطة عليه من أطراف يسارية داخل حركة نداء تونسومن الجبهة الشعبية اليسارية التي رفضت مشاركة حركة النهضة، لم يستبعد رئيس الحكومة الحركة التي فازت بالمركز الثاني بانتخابات البرلمان.وتُشارك حركة النهضة في التركيبة الجديدة للحكومة بحصولها على وزارة وحيدة توصف ب"الملتهبة" وهي وزارة التكوين والتشغيل التي تواجه مشكلة البطالة المستفحلة في البلاد، إضافة إلى ثلاثة كُتّاب دولة بوزارات المالية والاستثمار والصحة.ومع أن هناك جزءا من جمهور حركة النهضة استهجن هذه المشاركة واعتبرها لا تليق بالوزن السياسي لها في البرلمان والمشهد السياسي، فإن بعض قيادات الحركة اعتبروا أن المشاركة "مسألة مبدئية لخدمة المصلحة الوطنية".وقال النائب عن حركة النهضة محمد بن سالم للجزيرة نت إن حزبه رضي بالحصول على وزارة واحدة مع ثلاثة كتاب دولة من منطلق حرصه على خدمة البلاد والتعاون على معالجة الأزمات في إطار حكومة وطنية.وأضاف أنّ الحركة كانت قد عرضت على الأحزاب السياسية المشاركة في حكومة وحدة وطنية عندما كانت في السلطة، "وبالتالي لا يمكنها التخلّف عن الالتحاق بحكومة وطنية مهما كان حجم الحقائب الوزارية".ورغم إقراره بصعوبة التعاطي مع ملف التشغيل في بلد يرتفع فيه معدل البطالة إلى مستويات قياسية، قال بن سالم إن حزبه لا يتراجع أمام المهمات الصعبة، وذكّر بأنه نجح في تأمين المسار الانتقالي للبلاد في ظروف استثنائية بعد الثورة، كما قال.كما كشف القيادي في النهضة أيضا أن مشاركة حركته في الحكومة وموافقتها على منحها الثقة تأتي لهزيمة من وصفهم ب"الاستئصاليين الذين تعالت أصواتهم لإقصاء الحركة من السلطة وحشرها في الزاوية لأسباب أيديولوجية". وأردف "هؤلاء الاستئصاليون يسعون لخراب البلاد"، مشيرا إلى أنّهم "كانوا السبب الرئيسي في تغوّل النظام الدكتاتوري السابق طيلة عقود على البلاد".ورغم أن تركيبة الحكومة الجديدة تحظى هذه المرة بتوافق يضمن لها نيل الثقة بالنظر إلى أن الوزن البرلماني للأحزاب الممثلة في الحكومة أكبر من الأغلبية المطلوبة للتصديق على الحكومة، فإن هناك أحزابا ترفض تزكيتها.وعلى رأس هذه الأحزاب الجبهة الشعبية اليسارية وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التيار الديمقراطي وحزب المبادرة الدستورية، الذي احتج على عدم إشراك الدستوريين الذين عملوا في فترة النظام السابق في الحكومة.ويقول زياد عمامي -أحد قيادات الجبهة الشعبية اليسارية- إن حزبه يرفض التصويت على حكومة قال إنها "تشكلت على أساس ترضيات سياسية من أجل الحصول على ثقة البرلمان دون أن تكون مؤهلة لخدمة البلاد".واتهم عمامي الحكومة بأنها "تشكلت من أحزاب سياسية من اليمين الليبرالي المتوحش"، في إشارة إلى حركة نداء تونس وحزب الاتحاد الوطني الحر وحركة آفاق تونس، "ومن يمين ليبرالي رجعي" في إشارة إلى حزب حركة النهضة الإسلامي.وقال إن حزبه له تحفظات على برنامج عمل الحكومة الذي قال إنه لا يختلف عن برنامج نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ولا يستجيب لتطلعات المواطنين في خفض غلاء الأسعار وتحقيق التنمية ومحاربة الفقر والبطالة.كما انتقد عمامي إشراك حزب حركة النهضة بدعوى أنه مسؤول سياسيا عن الاغتيالات وعن تردي الأوضاع في البلاد، إضافة إلى وزراء وقضاة عملوا في فترة النظام السابق وعرفوا بعدائهم للديمقراطية والحريات، كما جاء على لسانه.