تستعد الجزائرية زهرة مبارك، صاحبة رواية "لن نبيع العمر" لإصدار روايتها الجديدة "زلة قلب" مسموعةً والتي ستعزز بها المكتبة الأدبية العربية ، الرواية من الأدب الكلاسيكي وذات أبعاد نفسية و اجتماعية ، تضعنا في صورة العنف العاطفي الذي تعيشه المرأة وتمَّ تسجيلها في حيِّز زماني (ساعة و41 دقيقة) ، وأوضحت زهرة ل" الاتحاد" أن الرواية تبحث عن تجديد العلاقة بين الكاتب وجمهوره، من خلال استغلال وسائل الاتصال الحديثة ، وخلق فضاء رحب آخر يسمح لجمهورها بمعايشة أحداث الرواية بصوت الأديب نفسه . حيث ارتأت صاحبة الرواية اختار لروايتها الجديدة طريقة جديدة بمزج الراقي والمتميز لأحداث الرواية بمقاطع موسيقية رومانسية تنسجم ودراما حكاية سعاد الفتاة الجزائرية المغتربة التي تنحدر من مدينة وهران الباهية ، لتجد نفسها تحتضن أرض الأنبياء فلسطين ، وتعيش عشرية مليئة بهواجس الغربة و العنوسة بالضفة الغربية ، وكيف تعيش يومياتها في هذه المدينة النائمة عادة في الظلام ، وكيف أن العنوسة في الضفة لا تشبه غيرها، فهي المكبلة المحرومة من إنجاب أطفال التحرير وأضافت الروائية زهرة مبارك وظفت أدب الرحلات لحظة عودة بطلة الرواية سعاد، المهندسة المعمارية، إلى مسقط رأسها لتجد وهرانالمدينة التي لا تنام قد تغيَّرت في زخم السنين، وتذكر في لحظات حديثها سانتا كروز، فندق الميريديان، مركز الاتفاقيات والرصيد المحاذي لقصر الثقافة المليء بالكتب . "وهران مُكتظة بالضوء والأنفاسْ والأرواح، في وِهران الحياة دُنيا عكس الضفة الغربية التي أتيتُ منها، والتي لا تُفكر سوى في الموتِ المؤجلِ المُتَربصِ بها في كل لحظةٍ عند كل مسجدٍ وعند كل حاجزٍ وعند كل مقهى". وتصنع المقارنة بين هذه المدينة والضفة الغربية التي تنام على هواجس الخوف والحرب، على هواجس العنوسة المنتشرة، في تطويع جميل للغة على الأدب الآخر. لتلج العالم الداخلي والنفسي للبطلة ، وهي تعيش العنوسة وتنتظر الحب الذي وعدت نفسها التوَّاقة "هذه المرة أعدتُ قلبي معي عكس كل سفرياتي الماضية، أردتُ أن أفتحهُ كما يُفتح صنبور ماءٍ عالي التدفق، لأنني وجدتُ أن خلايا جسدي بعد الثلاثين تزدادُ تجَزُّءًا، كُلما قاربتُ باب الأربعين تشتعلُ خلايا جسدي كُلها، كُلما مر رجلٌ وسِيمٌ يُشبهُ رجل أحلامي، وكُلما اختلط رجال أحلامي برجال واقعي". لترسم لوحة فنية عن صنوف الرجال الذين تمتزج حياتهم بالمرأة "فهناك رجل كالكاتب بشير مفتي" يدعُوكِ لأن تكوني قصيدة حياة يُوزعُ عليك أحرُفهُ المفتوحة، فيفتح لك باب الحياة. هناك رجل كالشاعر "خالد علواش" يدفعُ غيرتك للخروج فتغارين من أنثى أشعاره، وهناك رجل كالإعلامي المصري "مصطفى يس" يهبك اللهب يُشعرك أنك إنسان وهناك رجل يذبحُك، يلعنك، يُلغِيكِ، يجعلُك فاترة، باردة، منهكة المشاعر، متعبةً، مُغرورقة العينين، شاردةً، وهناك رجل يجعلك أنثى تحبين حروف الأبجدية. نقطة التحول في حياة البطلة سعاد هي قصة حبها التي تجمعها بزميل العمل يوسف الذي تتعرف إليه وتعيش معه حبها المنتظر وتتجسد فيه أحلامها البريئة. يوسف الذي عاش خيانة زوجته وفارقها رغم حبه الكبير لها، لتجد سعاد نفسها تزل زلة العمر وتحمل من حبيبها الذي تنصَّل بعدها من مسؤولياته ليُجبَر في الأخير تحت طائلة التهديد والعرف على الزواج بها شكليًّا. تستوقف زهرة مبارك القارئ المستمع لتحيط بظاهرة الأمهات العازبات المنتشرة في الواقع الوهراني ، وكيف يجرم المجتمع المرأة دون الرجل: "تُثيرني قصص الأمهاتِ العازبات وتنصُّل المذنب والشريك من القضية في محاكم الجزائر والجري حول تثبيت الزواجِ بعد العقد العرفي، والأكثر هو تحطم أحَد الشركاءِ ومواصلة الآخر لحياته دون أدنى اهتمامٍ بحالة الآخر، وغالبًا ما تكون امرأةً مثلي". تتواصل أحداث رواية "زلة قلب" حين تحاول سعاد الانتحار بسبب تغيُّر معاملة زوجها "المفترض" وحبيبها "المزعوم" يوسف الذي أذاقها صنوف الذل والمهانة، لتتذكر ابنها الذي تحمله وتتراجع عن فكرة الانتحار بعد تدخُّل عائلة زوجها". اختارت زهرة مبارك نهاية تراجيدية لروايتها، تتناسب ونسق الأحداث, حيث تجد البطلة سعاد نفسها في ذاكرة زوجها الذي لا يزال يحن لأيام المرأة التي خانته وهو يحتفظ بلوازمها في غرفة بالفيلا، لتنهار وتنقل إلى المستشفى وتبقى النهاية مفتوحة، بعدما طلب يوسف من زوجته أن تغفر زلته. وعن سر توجهها لاختيارها الرواية المسموعة قالت زهرة مبارك ل"الاتحاد" أنها دومًا تبحث عن التجديد وهذا العمل إبداع يهدف إلى الهروب من النمطية والكلاسيكية، ومحاولة لكسر هاجس المقروئية الذي يستشعره كل أدباء العالم بحيث إننا نعيش أزمة مقروئية ، بحيث سعيت من خلال عملي هدا إلى توسيع دائرة الجمهور صاحب الأذواق الأدبية المتميزة. وأما عن ما أضافت لها تكنولوجيا الحديثة أفادت ب " ساعدتني الشبكات الاجتماعية وخاصة الفيس بوك في الترويج لروايتي المسموعة ،وأتاح لي هذا الفضاء الواسع الالتقاء بعديد من الأشخاص الذين ساعدوني في تقديم عملي وفي الوقت نفسه أكدت الروائية أنها تجد صعوبة في إيجاد موزعين ومنتجين جزائريين بطريقة قانونية ".