أثار قرار مجلس النواب الليبي المنعقد شرقي البلاد الإثنين الماضي بعدم منحه الثقة لحكومة الوفاق الوطني المقدمة من المجلس الرئاسي حالة من الارتباك أضفت إلى المشهد الليبي مزيداً من التعقيد. وأقر مجلس النواب المنعقد في طبرق عدم منحه الثقة لحكومة الوفاق ب61 صوتاً وامتناع 39 عن التصويت فيما منح عضو واحد صوته للحكومة من أصل 101 عضو شاركوا في الجلسة.ويبلغ العدد الكلي لأعضاء مجلس النواب 200 عضواً وبحسب لوائح المجلس الداخلية فإن منح الثقة لحكومة الوفاق يتطلب جلسة نصابها القانوني أكثر من نصف الأعضاء وهو ما تحقق الإثنين ويعتمد القرار بتصويت أغلبية النصاب القانوني. وبعد 48 ساعة من الترقب الحذر رحّب المجلس الرئاسي الاربعاء بتمكن مجلس النواب من عقد جلسة قانونية مؤكداً على دور المجلس المحوري في تطبيق بنود الاتفاق السياسي (الذي تم توقيعه بين الأطراف الليبية في الصخيرات المغربية).وفيما يرى مراقبون للشأن الليبي أن قرار مجلس النواب حمل إشارات عكست تغير مواقف النواب الرافضين للمجلس الرئاسي والذين طالبوا بإسقاطه في أوقات سابقة، مقتصراً طلباتهم على إعادة تشكيل فريق وزاري جديد، إلا أن نص القرار البرلماني حمل في طياته تحذيراً للمجلس بالقول إنها «تعتبر الفرصة الأخيرة للمجلس الرئاسي» كي يعمل على تشكيلة حكومية مقبولة، في مدة لا تتجاوز 15 يوماً.ورغم الجدل الذي أثاره قرار مجلس النواب من الناحية القانونية حول طريقة عرض جدول الأعمال على النواب وتضمين بند التصويت على حكومة الوفاق الذي لم يعلن عنه مسبقاً، إلا أن إعلان المجلس الرئاسي ترحيبه بقرار النواب قطع الجدل حول قانونيته. ويبدو أن إعلان المجلس الرئاسي القبول بقرار النواب يحمل في طياته رسائل مبطنة للأخير، فقد حث الرئاسي النواب على ضرورة تضمين الاتفاق السياسي بالإعلان الدستوري، حيث ينص الاتفاق السياسي الموقع عليه في الصخيرات المغربية في كانون الأول / ديسمبر الماضي في بنوده على أن الأجسام الثلاثة (المجلس الرئاسي ومجلس النواب ومجلس الدولة) تستمد شرعيتها ووجودها من الاتفاق بعد تضمينه في الإعلان الدستوري، مشيراً في بيانه إلى شراكته مع مجلسي النواب والدولة في تنفيذ استحقاقات الاتفاق.والإعلان الدستوري هو الوثيقة الدستورية (بمثابة دستور للمرحلة الانتقالية) صدرت عن المجلس الوطني الانتقالي أول سلطة إبان الثورة التي أطاحت بحكم الزعيم الراحل معمر القذافي، وتحديداً في 3 آب / اغسطس 2011 ليكون دستور المرحلة الانتقالية حتى صدور الدستور الدائم للبلاد. وكان مقررا أصلا انتهاء الفترة المقررة لمجلس النواب – بحسب الإعلان الدستوري – في 22 تشرين الأول / اكتوبر 2015 حيث كان من المقرر أن يكون في هذا التاريخ دستور ليبيا الدائم جاهزا للتصويت عليه ليتم الانتخاب على أساسه لأول برلمان دائم للبلاد بعد الثورة، إلا أن ذلك لم يتحقق، ما اضطر الأطراف الليبية لسد الفراغ الدستوري والسياسي باللجوء إلى توقيع اتفاق سياسي يمدد الفترة الانتقالية لمدة سنتين إلى حين إنجاز الدستور، وهو ما تم في الصخيرات.