حضور الرئيس الباجي قائد السبسي، فعاليات الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تنعقد الآن بنيويورك، يحمل دلالات ورسائل مهمة للداخل التونسي وأيضا للخارج، في "لحظة فارقة" من مسار الانتقال الديمقراطي، الذي تهدده مخاطر الإرهاب وانهيار الوضع الاقتصادي، وذلك بعد خمس سنوات من "ثورة الياسمين"، التي احتفل واستبشر بها العالم بأسره. في المستوى الداخلي، يرتقي تنقل الرئيس قائد السبسي (90 سنة)، لحضور هذا المحفل الدولي الهام، إلى "حدث سياسي"، يتجاوز مجرد المشاركة العادية والروتينية، إلى التأكيد على أن الرئيس في كامل صحته، وقدرته على إدارة البلاد وعلى تمثيلها في كبريات المحافل الدولية، خصوصاً أنه تنقل مهم ومتعب أيضاً، ما يجعل منه إجابة مباشرة، على "الجدل" الذي دار أخيراً حول صحة الرئيس. دعم الحشد الدولي لثورة الياسمين أما في المستوى الدولي، فإن مشاركة الرئيس السبسي في هذا المحفل الدولي، فيها رسالة سياسية قوية تتمثل في دعوة القيادة السياسية التونسية للمجتمع الدولي بضرورة الاستمرار في دعم الانتقال الديمقراطي، الذي حظي بإعجاب دولي ترجم عبر منح نوبل للسلام للفاعلين الرئيسيين في المجتمع المدني، ومن ورائهم طبعاً الفاعلون السياسيون، وأبرزهم الرئيس الباجي قائد السبسي، لكن في المقابل تأخر الدعم الاقتصادي لهذا الانتقال السياسي. حضور الرئيس السبسي في نيويورك عنوانه الرئيسي الاستمرار في دعم الحشد لإسناد تجربة الانتقال الديمقراطي، الذي نجح في مساره السياسي والتشريعي، وعرف تعثراً أصبح يهدد هذا المسار برمته، ويتمثل في المجال الاقتصادي، الذي يعرف وضعاً كارثياً، ستكون له توابع سلبية على البعد الاجتماعي، وعلى الاستقرار الساسي. وبالمناسبة، سيشارك الرئيس قائد السبسي، على هامش وجوده في نيويورك في المنتدى الاقتصادي الأميركي-الإفريقي الذي سيحضره الرئيس التونسي كضيف شرف بدعوة من الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم 21 سبتمبر 2016 بنيويورك. ويضم هذا المنتدى مشاركة قرابة 35 رئيس دولة إفريقية وأكثر من 200 شركة أميركية كبرى. وكان الرئيس السبسي قد التقى بأوباما خلال زيارة الدولة التي قام بها لواشنطن في مايو 2015 تم خلالها توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين أميركا وتونس. وبحسب مسؤولين تونسيين، فإن تونس تعد من البلدان القلائل التي تحظى بهذا النوع من الاتفاقيات. تجدر الإشارة إلى أن الولاياتالمتحدة تدعم بقوة تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس، وتعتبرها برغم الصعوبات تجربة ناجحة ولابد من مساندتها، وذلك عبر تقديم مساعدات في مجال الحرب على الإرهاب ودعم التعاون والتبادل الاقتصادي. خطاب السبسي في الأممالمتحدة بالعودة لمشاركة الرئيس السبسي في اجتماعات الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، نشير إلى أنه سيلقي خلالها خطابا مهما، وقد تحصلت "العربية.نت" على نسخة منه، خطاب سيؤكد من خلاله السبسي على أهمية هذه المناسبة التي "تتزامن مع احتفال تونس بالذكرى الستين لاستقلالها وقيام دولتها الحديثة، وبمرور ستين سنة على انضمامها إلى منظمة الأممالمتحدة". كما سيركز الرئيس في خطابه على الإشارة إلى نجاح تجربة الانتقال في تونس، من خلال التأكيد على أن تونس "تخوض تجربة فريدة على طريق البناء الديمقراطي اعتمدت التوافق الوطني كسبيل لإدارة الخلافات السياسية وتأمين المسار الانتقالي من الانتكاسات. وهو ما مكن من تحقيق مكاسب سياسية هامة بدءا بوضع دستور توافقي عصري وتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية شهد لها العالم بالنزاهة والشفافية". وسيحرص الرئيس السبسي بالمناسبة على الدعوة إلى إنجاح ودعم التجربة التونسية، من خلال الإشارة إلى "أن ما حققته التجربة الديمقراطية التونسية من انجازات لا يزال في حاجة إلى التدعيم في ظل واقع اقتصادي واجتماعي هش".