توالت يوم الثلاثاء ردود الفعل المرحبة بنتائج وظروف المسار الإنتخابي الرئاسي في تونس بإعتباره "صفحة تاريخية للانتقال الديمقراطي" صاحبتها دعوات داخلية إلى نبذ العنف و التطلع إلى المرحلة القادمة بإشراك جميع فئات المجتمع التونسي ومناطقه وإشادة دولية واسعة "بالوعي والرشاد" الذي أبداه الشعب التونسي في هذا الإستحقاق. وفور الإعلان عن النتائج الأولية للدور الثاني من الرئاسيات الذي جرى أمس الإثنين أكد الفائز في هذا الإستحقاق الباجي قايد السبسي أنه "سيكون رئيسا لكل التونسيين" وأن انتخابه سيكون "عبئا ثقيلا ومسؤولية كبرى". وطمأن الرئيس المنتخب الشعب التونسي في حوار تلفزيوني له أن "حزب نداء تونس لا يعتزم تكوين حكومة حزبية فقط "وأن"رئيس الحكومة القادمة لن يكون من وزراء الرئيس المخلوع بن علي السابقين رادا بذلك على مخاوف عودة النظام السابق التي أعربت عنها بعض الأوساط في البلاد. في غضون ذلك دعا الإتحاد العام التونسي للشغل إلى ضرورة الإصغاء إلى فئة الشباب التي "قرر جزء هام منها مقاطعة الإنتخابات" والإطلاع على مشاغلها المتعلقة أساسا بالتشغيل و التنمية العادلة معتبرا أنه "لا نجاح لأي مسار ديمقراطي لا ينطوى على عمق إجتماعي يهدف إلى تحقيق العدالة الإجتماعية". وفاز مرشح حركة "نداء تونس" الباجي قائد السبسي بنسبة 55.68 % في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية مقابل 44.32 % لمنافسه الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي. وشارك في عملية التصويت في جولة الإعادة للانتخابات 3189672 ناخبا ما نسبته 11ر60 بالمئة من إجمالي الأصوات المسجلة حسب معطيات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس. وبإجراء الدور الثاني للانتخابات الرئاسية تكون الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد أنجزت ما تنص عليه الأحكام الانتقالية لدستور 26 يناير 2014 بإنجاز انتخابات تشريعية ورئاسية قبل انتهاء سنة 2014 لتعلن بالتالي استكمال المسار الانتقالي بانتخاب أول رئيس و أول برلمان بعد 14 يناير 2011. دعوات لنبذ العنف والتطلع إلى المرحلة المستقبلية وبشأن الإحتجاجات التي شهدتها بعض مناطق الجنوب التونسي على نتائج الإنتخابات اعتبر السبسي انه "ليست جريمة" ألا ينتخبه سكان الجنوب فهذا من "جوهر الديمقراطية" وانه "لا يفرق بين من انتخبه ومن لم ينتخبه" مؤكدا أنه "شاهد على نضال الجنوبيين الذين قدموا الكثير من أجل الاستقلال وبناء الدولة".وأضاف السبسي أن الشعب التونسي "يعول على تجربة المنصف المرزوقي ونصائحه" مؤكدا أنه "سيتعامل معه باحترام". من جانبه عبر المرزوقي عن انشغاله إزاء "بعض التحركات غير السلمية في بعض المناطق في علاقة بنتائج الانتخابات" مشددا على "ضرورة تغليب المصلحة العليا للبلاد عن أي حسابات" مشددا على "المزيد من التآخي والتماسك والتسامح". ودعا إلى "الكف عن أشكال التشنج كافة في هذا الظرف الحساس وإلى نبذ العنف والدفع نحو الحفاظ على السلم الاجتماعي والإستقرار" معتبرا أن "نجاح الانتخابات وإتمام المرحلة الانتقالية في حد ذاته مكسب كبير لكل التونسيين مهما اختلفت خياراتهم وتوجهاتهم". وأكد المرشح الخاسر في الإنتخابات أنه "لن يتقدم بطعون في نتائج الإنتخابات بشأن الخروقات التي شابت الإنتخابات لأن الهدف الأساسي هو تحقيق الإستقرار". يشار إلى أن آجال الطعون في النتائج الأولية لهذه الإنتخابات إنطلقت اليوم الثلاثاء و ستتواصل إلى غاية 25 ديسمبر الجاري. إشادة دولية بنتائج وظروف المسار الإنتخابي في تونس على الصعيد الدولي لقي هذا المسار الإنتخابي ترحيبا واسعا عبرت عنه العديد من الدول و المنظمات الدولية على غرار الجزائر ومصر والولايات المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي. ففي برقية تهنئة حيا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الشعب التونسي لما أبداه من "وعي و رشاد" مكناه من إنجاح الانتخابات الرئاسية وذلك في برقية تهنئة بعث بها الى الباجي قايد السبسي بمناسبة انتخابه رئيسا للبلاد. كما وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تهانيه للسبسي متمنيا له كل النجاح والتوفيق في مساعيه للعمل على تحقيق الآمال المشروعة والطموحات المستحقة لأبناء الشعب التونسي. نفس التهاني أعرب عنها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز و رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبدالله الثني للسبسي و للشعب التونسي على "نجاح المسار الديمقراطي والتحول السياسي في البلاد". وبدوره اعتبر نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية أن هذه الانتخابات "عكست الإرادة الحرة للناخبين التونسيين وأظهرت مدى الثقة الكبيرة والتقدير التي أولاها الشعب التونسي إلى الرئيس المنتخب". من جانبه أكد الرئيس الامريكي باراك أوباما تطلع واشنطن الى العمل بشكل وثيق مع الحكومة التونسية الجديدة مهنئا الشعب التونسي بإجراء أول انتخابات رئاسية في ظل الدستور الجديد معتبرا ذلك "خطوة حيوية" نحو الانتهاء من مرحلة الانتقال الديمقراطي في تونس مؤكدا أن "هذه اللحظة التاريخية تتيح فرصة للمجتمع الدولي لتأكيد وتعميق التزامه مع تونس". وتمنى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند "النجاح الكامل" للرئيس التونسي الجديد الباجي قائد السبسي في مهمته في خدمة الشعب التونسي مشيدا "بتصميم وحس المسؤولية وروح التوافق التي أظهرها الشعب التونسي وممثلوه لانجاح الانتقال الديمقراطي". كما رحبت الحكومة الألمانية بفوز السبسي معتبرة أن " القوى السياسية المسؤولة في تونس أظهرت نضجا سياسيا كبيرا ووضعت مصلحة البلاد وسكانها فوق المصالح الحزبية". من جانبه هنأ الاتحاد الأوروبي على لسان الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فدريكا موغريني الرئيس التونسي الجديد مؤكدا انه "سيظل ملتزما بالعمل مع السلطات التونسية الجديدة وجميع شرائح المجتمع والمساهمة في تعزيز المكاسب الديمقراطية في ظل الدستور الجديد ودعم تنفيذ الإصلاحات اللازمة للتحول الاقتصادي والمنفعة الاجتماعية لجميع التونسيين".