تمر ثلاث و أربعون سنة على وفاة أبو الحركة الوطنية، مصالي الحاج الذي رحل يوم 3 جوان 1974 عن عمر ناهر 76 عاما، حيث ينتمي إلى الجيل الذي ساهم في تحسيس الشعب الجزائري بخطورة المستعمر و أهمية الثورة" إلى جانب فرحات عباس و الشيخ عبد الحميد بن باديس. و في هذا الشأن قال علي عقوني رئيس حزب الشعب الجزائري -غير المعتمد حاليا- و رفيق درب مصالي الحاج في بيان له تلقت جريدة "الاتحاد" نسخة منه أمس، إنه من الضروري اليوم تناول الأحداث التاريخية بكاملها، إذ أن بعضها صار غائبا في معظم الكتابات والاحتفالات الرسمية التي تمجّد الثورة الجزائرية. و أشار إلى أنه في يوم 2 أوت 1936 و خلال المؤتمر الذي عقد في الملعب البلدي لبلوزداد بالجزائر العاصمة، و أمام حشد من عشرين ألف شخص، التقط مصالي الحاج حفنة من التراب وقال بصوت عال: "أيها الإخوة، هذه الأرض المباركة ليست للبيع ولا للرهن العقاري..". و يقول المؤرخون، إن مصالي الحاج أدى خدمته العسكرية بفرنسا سنة 1918 الشيء الذي مكنه من التعرف على النشاط و الحراك السياسيين اللذان ميزا فرنسا في تلك الفترة. و اكتشف خلال تجنيده في إطار الحرب العالمية الأولى على غرار مئات الآلاف من مواطنيه الأفكار المناهضة للاستعمار و احتك بنضال حركة العمال. بعد انقضاء فترة تجنيده برتبة رقيب، انتقل مصالي الحاج إلى تلمسانمسقط رأسه حيث اهتم بالثورة الكمالية بتركيا و النشاط السياسي للأمير خالد. و في شهر أكتوبر من سنة 1923، عاد مصالي إلى فرنسا و عمره لا يتجاوز 25 ربيعا حيث استقر باريس وعمل كبائع متنقل بأسواق باريس قبل أن يتصل بعدة منظمات سياسية. ثم التحق بسرعة بعدة تشكيلات سياسية على غرار الحزب الشيوعي الفرنسي في 1925 و نجم شمال إفريقيا الذي أصبح أمينا عاما له و عمره لا يتجاوز 28 سنة. أول من طالب باستقلال الجزائر في شهر فيفري سنة 1927، ألقى مصالي الحاج خطابا خلال المؤتمر المناهض للإمبريالية المنظم ببروكسل بسويسرا، تطرق فيه لأول مرة إلى استقلال الجزائر. و دعا خلال مداخلته إلى "انسحاب القوات الفرنسية و إنشاء جيش وطني و تعويض الوفود المالية التي تنتخب عن طريق الاقتراع المحدود ببرلمان جزائري منتخب عن طريق الاقتراع العام. " بعد تسعة سنوات من خطاب بروكسل، أطلق مصالي الحركة الوطنية الراديكالية في الجزائر. و في 2 أوت 1936، صرح بمناسبة انعقاد المؤتمر الإسلامي الجزائري بالجزائر العاصمة قائلا "إن هذه الأرض ليست للبيع". ثم حل نجم شمال إفريقيا بعد إعادة إطلاقه في 1933 خلال شهر جانفي من سنة 1937 من قبل حكومة الجبهة الشعبية. و بعد ثلاثة أشهر، أسس مصالي و رفقائه حزب الشعب الجزائري الذي ركز برنامجه السياسي على الكفاح من أجل الاستقلال. هنا بدأت مشاكل مصالي الحاج الكبرى مع العدالة الفرنسية. وعندما دخل الجزائر في جوان 1937 تم توقيفه من طرف السلطات الاستعمارية يوم 27 أوت بدعوة إعادة تشكيل حزب ثم حله. بعد إطلاق سراحه في أوت 1939، عاد إلى السجن بعد أيام قليلة نتيجة رفضه التعاون مع حكومة فيشي. في مارس من سنة 1941، حكم عليه بالأشغال الشاقة لمدة 16 سنة و منع الإقامة لمدة عشرون سنة. و زج به في سجن لامبيز ثم في الجنوب الجزائري ليتم نقله سنة 1945 إلى برازافيل. صادق مصالي الحاج على بيان الشعب الجزائري و هو في السجن، البيان الذي حرره فرحات عباس في مارس 1943 و أمر مناضلي حزب الشعب الجزائري بالالتحاق بصفوف جمعية أحباب البيان التي تأسست عام بعد ذالك. و حظي مصالي الحاج بشعبية كبيرة لدى الجماهير المسلمة حيث هتفت الجماهير باسمه وطالبت بالإفراج عنه خلال مظاهرات 8 ماي 1945 التي نظمت بمبادرة من جمعية أحباب البيان.