مشاري الذايدي «عرض قوة رهيب» هذا أقل ما يمكن أن يُوصَف به «الشو» الذي قدمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على مسرح منبسط، خلفه شاشة ضخمة، عرض فيها «جواهر» الأسلحة الروسية الحديثة، قائلاً: ها أنا ذا! بوتين في رسالته السنوية للجمعية الفيدرالية الروسية أشار إلى بدء اختبار منظومة «سارمات» الصاروخية، التي تحمل صواريخ باليستية ثقيلة عابرة للقارات، تحلِّق بلا حدود. وكشف النقاب عن غواصة روسية خارقة السرعة والتخفي والتسليح. الصاروخ والغواصة لم يُطلق عليهما لقب بعد، وطالب زعيم الروس شعبه باقتراح الاسم لهما، في إشراك متعمَّد للشعور الروسي الجمعي في أجواء الحرب الكبرى. لمن يوجه بوتين هذه التهديدات؟ وزير خارجيته «الثلجي» سيرغي لافروف كان قد أجاب عن ذلك، الأربعاء الماضي، أمام مؤتمر للأمم المتحدة لنزع السلاح في جنيف، فقال إن «وجود الأسلحة النووية التكتيكية الأميركية في أوروبا ليس فقط من مخلفات الحرب الباردة، بل إنه موقف عدائي لا ريب فيه». وأتاه الجواب من واشنطن عبر المتحدثة باسم «البنتاغون»، دانا وايت، التي قالت: «نحن لم نتفاجأ بهذه التصريحات، وعلى الشعب الأميركي أن يكون متأكداً من أننا جاهزون تماماً». وأضافت: «هذه الأسلحة (الروسية) جرى تصميمها منذ فترة بعيدة. وعقيدتنا تأخذها بعين الاعتبار». هل نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثة؟ أصلاً نحن بالفعل في «حالات» تواجه روسي - أميركي، الساحة السورية مثالاً. الحرب الباردة ليست حرباً عالمية ثالثة، وهي الحرب التي استهلكت زهاء نصف قرن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية (1945)... لم تكن حرباً مباشرة واشتباكاً روسياً - أميركياً على المكشوف، بالسلاح... كل السلاح؟ هل أزفت الحرب الكبرى؟ لا ندري، لكن العالم، خصوصاً ديارنا في الشرق الأوسط، لا سيما سوريا، تغلي، وبها تتلاقى كل تيارات الهواء السياسي الساخن، وقد ينتج عن ذلك رعود وبروق وسيول، لكنها ليست من ماء فقط، فهي إضافة لكونها مياه تسونامي، سيكون معها دخان ونار ودماء ودموع. الأرجح أنه لا يوجد في واشنطن أو موسكو مَن «يعمل» على تدشين الحرب الكبرى بين قطبي العالم اليوم (لاحظ الحديث... كأننا بعالم الستينات)! لا يوجد، لأن الدب الروسي والنسر الأميركي على بيّنة من كارثية الاشتباك العسكري المباشر بينهما، وقد استقر بالذهن البشري المعاصر أن أي حرب مفتوحة مباشرة بينهما تعني فناء نوع الإنسان من الأرض... أو شبه ذلك. الجو محتقن بهواء مسموم سريع الاشتعال، وما سوريا والجانب الأوروبي الشرقي إلا مسارح قد ينطلق عليها، في أي لحظة، العرض المسرحي البشري الأخير. ما كنا نخشى الحديث عنه صار عادياً اليوم سماعه من زعيمي العالم!