ينبغي لِمَن أراد الحج هذا العام أو أيّ عام شهده أن لا يغفل عن خطوات مهمّة قبل إقدامه على السّفر للحج، ومِن هذه الخطوات استخارة الله بعد النِّية، إذ ينبغي الاستخارة في كلّ أمر ينويه المؤمن ولَو كان كلّه خير، فالاستخارة أيضًا خيرٌ فليجمع الخير مع الخير. ومن أهم الخطوات قبل الإقدام على السّفر للحج التوبة ورد المظالم، وقضاء الديون وكتابة وصية بما يحب أن يُوصي. ثمّ الاجتهاد في رِضَا الوالدين إن كانَا على قيد الحياة، وطاعتهما وبرّهما بكلّ ما يمتلك من استطاعة، وأن يقدّم لزوجته كلّ ما يمتلك من خير قولاً وفعلاً طاعةً وبرًّا، وأن ينشر الحبَّ والوُدَّ والسّلام والوئام لكلّ النّاس، ويُصالح الخصوم وليكُن هو الّذي يبدأ بالصُّلح، وليُحسّن السلوك والخلق. ومن الخطوات المطلوبة قبل الانتقال إلى البقاع المقدسة تعلّم قواعد الحج وشروطه وأركانه ومحظوراته، فإنّه لَن يُعْذَر بجهله، وطلب العلم فريضة على المسلم. ويُهيِّئ متاعه وما يحتاج إليه في سفره، ويعتمد أخذ كلّ ما يحتاج إليه ولا يُخيّل إلى نفسه أنّه يجد مَن يُسعفه إذا احتاج إلى شيء، وليُقرّر في نفسه أنّه يكون هُو مَن يُسعف غيره لا غيره مَن يُسعفه، ويأخذ معه مِنْ ماله الحلال ما يكفيه ذهابًا وإيّابًا وما يكفيه ذل السؤال. ولا ينتظر في توديع أحبابه وأقربائه إلى حين موعدِ الخروج، بل يُودِّع مَن يظُنّ أنّه لَن يلتقي به، ولا يُخفي أمر سفره للحج عن النّاس، بل يُبلّغهم ويُعلمُهم أنّه يريد الحج، فهم لَن يحسدوه ولَن يُعرقلوه وإنّما يدعون له بخير وهو في حاجة إلى هذا الدعاء، وهو في سفر من أعظم الأسفار، ونشر هذا المشروع يُهيّج الّذين لم يحُجُّوا ولم يُفكِّروا في الحج لأن يُفكّروا في هذا المشروع العظيم. وحين يحلّ يوم الخروج والسّفر يُوَدِّع أهلَهُ وأصحَابَهُ وجيرانَهُ بحُبٍّ وصفاءٍ، ويودِّعونَهُ ويدعون له بقولهم: نستودِعُ اللهَ دينَك وأمانَتَك وخواتيمَ أعمَالِكَ. وأن يقول حينما يخرج: بسم الله، توكلتُ على الله، اللّهمّ إنِّي أعوذُ بك أنْ أذِلَ أوْ أُذَل، أو أضِل أو أُضَل، أو أظْلِمَ أو أُظلَمَ، أو أجْهَل أو يُجْهَل عليّ. وأنْ يُحافظ على الطهارة دائمًا بالوضوء، وأن يكثِر مِن الدُّعاء في السّفر وحتّى يرجِع إلي بيته، فثلاث دعوات مستجابة لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد علَى ولده.