ما هو حكم القول في دين الله والتّجرّؤ على الفتوى بغير عِلم؟ قال تعالى: ''وَمِنَ النّاسِ مَن يُجادِل في الله بغيرِ عِلْمٍ ولاَ هُدًى ولا كِتابٍ مُنير * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضلّ عن سبيل الله لهُ في الدُّنيا خِزْيٌّ ونُذِيقُه يوم القيامة عذابَ الحريق: الحج,89 ومن العلم أن يقول المرء إن سئل عن أمر لا يعلمه ''الله أعلم''. وكان هذا هو هدي السلف الصالح كالإمام مالك رحمه الله، ولقد كان بحرًا في العلم والورع والتّقوى والخوف من الله... ومن المؤسف أن نرى شبابًا اليوم لا يعلمون من الدّين إلاّ بعض الجزئيات، فتجدهم يتجرّأون على الفُتوى وعلى القول في دين الله وعلى الحكم على الخلق بالفسوق والعصيان وربّما كانت المسألة خلافية ومحل اجتهاد. والله يقول: ''ولاَ تقْفُ ما ليس لكَ به علمٌ إنّ السّمعَ والبصرَ والفُؤادَ كلُّ أولئك كان عنه مسؤولاً'' الإسراء.36 ماذا يُقال لمَن كان طبعه التنطّع والتكلّف والتّزمّت؟ وما هو مفهوم هذه الصفات المنهي عنها شرعًا؟ إنّ هذه الصفات مذمومة في الإسلام، ولقد اشتد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المتنطّعين، وتابعه في ذلك من بعده صاحباه الجليلان أبوبكر وعمر رضي الله عنهما، حتّى إنّ عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما يقول: ''والّذي لا إله إلاّ هو ما رأيتُ أحدًا كان أشد على المتنطّعين من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا رأيتُ أحدًا أشد عليهم من بعده من أبي بكر، وإنّي لأظن عمر كان أشد أهل الأرض خوفًا عليهم أو لهم'' رواه الطبراني والدارمي وأبو يعلى والطبري. ومن أهم صفات المسلم، أن يكون محبوبًا آلفًا مألوفًا يحب النّاس ويحب لهم الخير ويخلص لهم النّصح والتّعاون، فمَن كانت هذه حاله فهو من أحبّ النّاس إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومن أقربهم منه مجلسًا يوم القيامة، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''ألاَ أخبركم بأحبّكم إليّ وأقربكم منّي مجلسًا يوم القيامة فأعادها ثلاثًا أو مرّتين قالوا: نعم يا رسول الله، قالوا: نعم يا رسول الله، قال: أحسنُكم خُلقًا'' رواه البخاري وأحمد وهو صحيح، وزادت بعض الروايات: ''الموطؤون أكنافًا الّذين يألفون ويُؤلفون''. وفي رواية قال صلّى الله عليه وسلّم: ''المؤمن يألَف ويُؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف'' أخرجه أحمد والحاكم والبيهقي، وإسناده حسن. ولقد ضرب الرّسول صلّى الله عليه وسلّم لأمّته المثل الأعلى في حسن سلوكه مع النّاس، فقد كان صلّى الله عليه وسلّم سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ، قال تعالى: ''فَبِمَا رحمةٍ من الله لَنِتَ لهم وَلَوْ كنتَ فَظًّا غليظَ القلبِ لانْفَضُّوا مِن حولِك فَاعْفُ عنهُم واستغْفِر لهُم وشاوِرْهُم في الأمْرِ'' آل عمران.159 فعلى المسلمين أن يتأسوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم في دعوته إلى دين الإسلام الداعي إلى حسن الخلق ولين الجانب، والحلم مع العلم والصبر، قال تعالى: ''لقدْ كان لكُم في رسولِ الله أُسوَةٌ لمَن كان يرْجوا اللهَ واليومَ الآخِرَ وذَكَرَ الله كثيرًا'' الأحزاب.21 وقال سبحانه وتعالى: ''والعصرِ × إنّ الإنسانَ لفِي خُسرٍ × إلاّ الّذين آمنوا وعمِلُوا الصّالحات وتواصَوْا بالحق وتواصَوْا بالصّبر'' سورة العصر.