البكاءُ فطرةٌ بشريّةٌ كما ذكر أهل التّفسير، فقد قال الإمام القرطبي في تفسير قول الله تعاليك {وأنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}، النجم ,.43 أي: قضى أسباب الضحك والبكاء. وقال عطاء بن أبي مسلم يعني: أفرح وأحزن؛ لأن الفرح يجلب الضحك والحزن يجلب البكاء. وبما أنّ البكاء فعل غريزي لا يملك الإنسان دفعه غالبًا، فإنّه مُباح، بشرط ألاّ يُصاحبه ما يدلُّ على التّسَخُّط من قضاء الله وقدره، لقول سيّدنا رسول الله صلّى اللهُ عَلَيْهِ وسلّم: ''إنَّ اللهَ لا يُعذِّبُ بدمعِ العينِ ولا بحزنِ القلبِ، ولكن يُعَذِّبُ بهذا (وأشار إلى لسانه) أو يرحمُ''، رواه البخاري ومسلم. أنواع البكاء وأصدقها قال يزيد بن ميسرة: البكاء من سبعة أشياء: البكاء من الفرح، والبكاء من الحزن، والفزع، والرياء، والوجع، والشُّكر، وبكاء من خشية الله تعالى، فذلك الّذي تُطفِئ الدمعة منها أمثال البحور من النّار!. وذكر الإمام ابن القيم في كتابه ''زاد المعاد'' عشرة أنواع للبكاء: بكاء الخوف والخشية. بكاء الرّحمة والرِّقة. بكاء المحبّة والشّوق. بكاء الفرح والسّرور. بكاء الجزع من ورود الألم وعدم احتماله. بكاء الحزن، وفرّقه عن بكاء الخوف، أنّ الأوّل ''الحزن'' يكون على ما مَضَى من حصول مكروه أو فوات محبوب. وبكاء ''الخوف'' يكون لمّا يتوقّع في المستقبل من ذلك، والفرق بين بكاء السّرور والفرح وبكاء الحزن أنّ دمعة السرور باردة والقلب فرحان، ودمعة الحزن حارة والقلب حزين، ولهذا يُقال لمّا يُفرح به هو ''قُرّة عين'' وأقرّ به عينه، ولمّا يُحزن هو سخينة العين، وأسخن الله به عينه. بكاء الخور والضعف. بكاء النِّفاق وهو أن تدمع العين والقلب قاس. البكاء المستعار والمستأجر عليه، كبكاء النائحة بالأجرة.