جنّدت مصالح الأمن بوهران، أمس، أعدادا كبيرة من ضباطها وأعوانها بالزيّين الرسمي والمدني، لمنع المواطنين من الوصول إلى ساحة أول نوفمبر، للمشاركة في المظاهرة التي دعا إليها فرع وهران للتنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية. كان عدد أعوان الأمن أكبر من المتظاهرين، الذين، بمجرد أن تشكل فوجهم الأول في وسط ساحة أول نوفمبر، في حدود الساعة الحادية عشرة صباحا، حتى أحيطوا من كل جانب من طرف الشرطة. وانتشرت مخاوف في وسط المشاركين في التجمع لما شاهدوا ''أشخاصا'' مشبوهين يحومون حول ساحة أول نوفمبر، وتصور الجميع سيناريو مشابها لما حدث في تونس ومصر، ليتحول التجمع إلى ساحة أول نوفمبر ''لتحصينه من أي اختراق'' قد يحوّله عن طابعه السلمي. حينها قامت فرقة مسرحية، تنشط فيها رحاب علولة، بنت الفقيد عبد القادر علولة، بتوسط الجمع وقدمت الفرقة عرضا نددت فيه بالتعتيم والرقابة. وحاول المشاركون فك الطوق الأمني، لتنظيم مسيرة في وسط ساحة أول نوفمبر، إلا أن الشرطة ''كانت أسرع''، وحاولت توقيف الذين اعتبرتهم منشطيها، منهم الأستاذ قدور شويشة، الجامعي وعضو الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان. وقد استعمل بعض أعوان الأمن القوة وتفوهوا بعبارات نابية في وجه المتظاهرين، ومنهم الفتيات والنساء. كما قاموا بحجز اللافتات والرايات التي كتب فيها المتظاهرون شعاراتهم. كما حجزوا عددا من الرايات الوطنية التي كانت بحوزتهم. أما فرقة رحاب علولة فقد حجزت الشرطة الأكسيسوارات التي وظفتها في مسرحيتها، منها لعبة أطفال وخوذة بلاستيكية. وفي لمح البصر تضاعف أفراد الشرطة وشرعوا في اعتقال المتظاهرين، وحاولوا توقيف السيدة فاطمة بوفنيق، أستاذة جامعية ونشطة جمعوية. هذه الأخيرة استلقت على الأرض، لتختلط الأمور ويتعرض العديد من المواطنين للتعنيف. وبلغ عدد الموقوفين 48 شخصا، تم اقتياد 27 منهم على متن سيارات الشرطة إلى محافظة الأمن رقم ,16 واقتيد 15 آخرون إلى محافظة حي سيدي الهواري، وبقي سبعة في بهو مقر بلدية وهران، قبل اقتيادهم إلى محافظة حي سيدي البشر (بلاطو). وكان قدور شويشة أكثر الموقوفين الذي تعرض للعنف؛ حيث تمزق السروال الذي كان يرتديه. كما أن أغلبية أعضاء الفرقة المسرحية تم توقفيهم، ومنهم فتيات وقصر. وبقي عدد معتبر من المتظاهرين في ساحة أول نوفمبر، إلى غاية الساعة منتصف النهار والنصف، في حين توجه آخرون إلى مراكز الشرطة للبحث عن زملائهم وأبنائهم وبناتهم الموقوفين. وتشكلت تجمعات صغيرة أمام مراكز الشرطة. وطمأن ضباط الأمن الذين يجب الاعتراف أنهم تصرفوا بلباقة، للمتظاهرين بأنه سيتم إطلاق سراح جميع الموقوفين. وفي محافظات الأمن رفض الموقوفون استظهار بطاقات هوياتهم، كما رفضوا الخضوع للاستنطاقات. واكتفى أعوان الشرطة بتسجيل أسمائهم. واعتبر منظمو التجمع أن ''هذا التصرف الخشن، يؤكد الوجه الحقيقي للنظام، الذي يمنع أي صوت حر من الارتفاع في الجزائر''. ويقول المحامي مسعود بباجي ''إننا نجحنا في كشف طبيعة النظام''.