أبلغ وزير العدل الطيب بلعيز عن ''دهشته'' و''استغرابه'' لدى سماعه قضاة يشتكون من ''الإهانة'' و''المساس بالكرامة'' على يدي المفتش العام لوزارة العدل. وقال لهم''لست على دراية بما تقولون، ولم ينقل لي مسؤولوكم بالجهات القضائية أبدا شكواكم من الإهانة''، فردوا عليه: ''لم نتوقف عن الاحتجاج أبدا، ولكن صوتنا لا يصل إليكم''. كشفت مصادر موثوقة ل''الخبر''، تفاصيل المقابلة التي جرت بين وزير العدل حافظ الأختام وأربعة قضاة الخميس الماضي بمكتب الوزير. وجاء اللّقاء، كما هو معروف، بناء على طلب الوزير الطيب بلعيز الذي أبلغ نقابة القضاة قبل عشرة أيام بأنه يريد سماع أربعة قضاة (من قائمة تضم 12 قاضيا) يشتكون من ممارسات ''تمس بالكرامة وتدوس على القانون'' ، منسوبة للمفتش العام علي بداوي. وذكرت المصادر أن الوزير قال للقضاة الأربعة أثناء جلسة دامت ثلاث ساعات، ما يلي: ''إنني مصدوم لما سمعته منكم، ولم أكن على علم أبدا بالإهانة والمس بالكرامة والشتم والسب الذي تعرضتم له، كما تقولون، من طرف المفتش العام''. وطلب منهم أن ينقلوا له كتابيا كلاما موصوفا بالسفاهة، قال القضاة الأربعة إنهم سمعوه من المفتش العام بداوي. وذكر بلعيز، حسب المصادر، أن الوزارة لم تتلق شيئا من رؤساء المجالس القضائية والنواب العامين بها، يحمل شكوى ضد المفتش العام أو المفتشين الذين ينزلون إلى المحاكم والمجالس في إطار مهامهم. عند هذا الحد، قال قاض: ''لم نتوقف عن الاحتجاج أبدا ولكن صوتنا لا يصلكم سيدي الوزير''. وأوضحت المصادر أن اثنين من الأربعة الذين التقاهم بلعيز، يمارسان بجهتين قضائيتين في الغرب أحدهما خرج إلى التقاعد حديثا، وثالث من جهة قضائية بالشرق، وقاضية من الوسط اشتكت من ''نقلها تعسفيا'' إلى منطقة نائية بقرار من المفتش العام. وذكرت للوزير أنها طلبت عدم إبعادها من محكمة بئر رايس بالعاصمة، حيث كانت تشتغل، حتى تبقى قريبة من والدتها المسنَة وشقيقها المصاب بإعاقة. وأكدت نفس المصادر، أن مجموعة أخرى من القضاة سيستمع إليهم وزير العدل، تبعا للاتفاق الذي جرى مع أعضاء المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للقضاة في لقاء 20 فيفري الماضي، الذي تناول حصريا ''الإهانة'' و''التدخل في صلاحيات القاضي''. وهي ممارسات منسوبة للمفتش العام. يشار إلى أن ''الخبر'' اتصلت عدة مرات بمكتب علي بداوي للاطلاع على روايته للقصة، فتارة يرد على المكالمات ويرفض الخوض في الموضوع، وإما ترد كاتبته لتقول أنه ''غير موجود''. بينما في الوزارة، لا تريد أية مصلحة الحديث في القضية. وعلمنا أن اتفاقا جرى مع النقابة، على أن تقوم هي بإبلاغ الصحافة بالجديد في الملف. وقبل أن يستمع إلى القضاة الأربعة في جلسة خاصة، طلب وزير العدل من إطارات بديوانه استقبالهم لسماعهم في إطار محاضر رسمية. وقد تم ذلك، إذ تناولت المحاضر تفاصيل ما جرى لكل واحد منهم أثناء المقابلة مع المفتش العام، والتي على أساس ما دار فيها اشتكى هؤلاء من ''المساس بكرامتهم''. ومعروف في الوسط القضائي أن استدعاء أي قاض من طرف المفتش العام للتحقيق معه، يكون وفق صيغ كثيرة أكثرها شيوعا، تقارير يرفعها مسؤولو الجهات القضائية عنهم وأحيانا شكاوى من جهات معينة في الدولة، وأحيانا أخرى تظلمات مواطنين.