لو أراد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لاستطاع فتح ورشة كبرى لبناء الجمهورية الجزائرية الثانية. لو أراد الرئيس لاستطاع أن يكمل مسيرته بتحرير الجزائريين من نموذج الدولة النيوكولونيالية ومن دولة الأجهزة وبناء دولة المؤسسات. لو أراد الرئيس لاستطاع تحرير المجتمع وتقييد السلطة في نص دستوري جديد. لو أراد الرئيس لاستطاع بناء مؤسسات تعبّر عن الجزائريين وعن مصالحهم وتطلعاتهم، لا عن السلطة وحساباتها. لو أراد الرئيس لاستطاع أن يمنح البلاد مؤسسات دولة حقيقية، برلمانا يمثل فعلا مصالح الناس، وقضاء مستقلا وحكومة مكوّنة من رجال سياسة لا من رجال الولاء له ولغيره. لو أراد الرئيس لاستطاع تفجير ديناميكية سياسية تجعل البلاد تكسر حلقة مفرغة من الركود ومن انقلابات النخبة المتتالية منذ 1962 بل وقبلها. لو أراد الرئيس لاستطاع أن يفتح الباب لكل الجزائريين الراغبين في خدمة الشأن العام وجعل الحَكَم هو الناس. لو أراد الرئيس لقال للناس أنا منكم وواجبي أن أحرركم لمواجهة الفساد والمفسدين ومواجهة ظلم السلطة والمال. لو أراد الرئيس لاستطاع أن يوقف نزيف ما هو موجود من مؤسسات الدولة الهشة وقليلة المصداقية والمطعون في شرعيتها، والتي ينخرها فساد علني بل وصارت في حالة اضمحلال. لو أراد الرئيس لاستطاع أن يقود إصلاحات حقيقية تثق في الجزائريين والجزائريات لا في مجموعات المال والنفوذ والولاء والتملق.. إلخ. لو أراد الرئيس لاستطاع أن يخرج البلاد من ثقافة التبرير إلى ثقافة التفكير. لو أراد الرئيس أن يتحالف مع الناس لحالفه التوفيق، أقصد النجاح والجنرال في آن واحد. لو أراد الرئيس لاستطاع أن يحيي الأمل في الجزائريين من جديد وأن يبعث فيهم حلما جديدا مثل ذلك الحلم الذي عاشه جيله في سنوات الثورة والتحرير وأطفأته تدريجيا سنوات الحكم والتسلط. لو أراد الرئيس لاستطاع أن يجعل العواطف أقوى من المصالح، وأن يجعل حب الناس وخدمة الناس أقوى من الرغبة في السلطة ومزيد من السلطة من أجل وهم حل مشكلة السلطة بعيدا عن الشعب! فهل يريد؟ سنرى! [email protected]