لم يتمكن الثوار من صد زحف القوات التابعة لمعمّر القذافي إلا بعد قصف شنته قوات حلف الأطلسي، يوم أمس، في وقت أعلن فيه المجلس الانتقالي قبوله لوقف إطلاق النار بشروط، تلبية للدعوة التي حملها المبعوث الأممي الذي جاء إلى ليبيا في مهمة لوقف إطلاق النار بعد 15 يوما من الحرب عجزت فيها القوات الدولية عن الإطاحة بالقذافي بالرغم من السند العسكري الذي قدمته للقوات المعارضة. أعلن رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل: ''نحن مستعدون لوقف إطلاق النار لتمكين المواطنين من التعبير بحرية وانسحاب قوات القذافي''. فيما قال مبعوث الأممالمتحدة، الأردني عبد الإله الخطيب، المتواجد ببنغازي، إن ''الهدف الأساسي هو التوصل إلى توقيف القتال الدائم''. وخرج سكان البريقة، أمس، في مظاهرة كبيرة، حاملين لافتات تطالب برحيل القذافي ورافعين أعلام الحلفاء. وجاءت المبادرة في وقت حرج على الثوار الذين تراجعوا أمام ضربات كتائب القذافي التي استفادت من سوء الأحوال الجوية. لكن القصف تواصل أمس، وقد تلاشت صفوف الثوار الذين تركوا الطريق مفتوحا أمام آلة الحرب التي يقودها القذافي في زحفه نحو أجدابيا، بعدما حرروها منذ أيام. وكان من الصعوبة الفصل في من يتحكم في البريقة، نظرا لعمليات الكر والفر. وقرر المجلس الانتقالي إعادة النظر في القيادة العسكرية في اجتماع عقد ببنغازي، حضره قادة المجلس العسكري وممثلو ثورة 17 فبراير ومندوبو أهالي مصراتة. واعترف المجلس الانتقالي بالضعف الكبير في تسيير الحرب. لذا تقرر إبعاد المدنيين المسلحين من أماكن الاشتباك وترك البادرة في يد العسكريين. وذكرت قناة الجزيرة، أمس، أن المجلس الوطني الانتقالي قرر تشكيل قيادة عسكرية موحدة برئاسة اللواء عبد الفتاح يونس العبيدي وزير الداخلية السابق. على أن يتخذ المجلس الذي يمثل المعارضة من بنغازي في شرق ليبيا مقرا له. وتشجعت كتائب القذافي بتوقيف القصف. فيما اعترف رئيس أركان الجيش الأمريكي، مايك مولن، أن ''أكبر مشكل واجهه الحلفاء في الأربعة أيام الأخيرة هو سوء الأحوال الجوية''، ذلك ما صعّب على الطيارين تحديد الأهداف بدقة. ومع عودة القصف أمس، أعاد الثوار المبادرة وأوقفوا زحف كتائب القذافي بالبريقة. وطلبت ممثلة عن المجلس الانتقالي من السلطات الإيطالية الضغط على القذافي للتخلي عن الحكم. حيث صرحت إيمان بوقيقيس لقناة ''تي جي ''24 الإيطالية: ''ليس هناك شك في أن القذافي انتهى. لكن لا يبدو واعيا بما يجري وأن الأشخاص الذين عملوا معه لمدة 42 سنة تخلوا عنه''. وأعربت عن أملها في نسج علاقات مستقبلية قوية مع إيطاليا التي ساعدت الثوار. وكان برلوسكوني أعلن في وقت سابق أنه قطع اتصالاته بالقذافي والتحق بالتحالف وفتح القواعد العسكرية الإيطالية أمام قوات الناتو لشن الهجمات على كتائب القذافي. ومن مصراتة نقلت الوكالات أن كتائب القذافي قصفت المدينة بمدفعية ثقيلة، ما أسفر عن مقتل 20 شخصا على الأقل، في حين تمكن الثوار من قتل عدد من القناصة المنتشرين في بعض شوارع المدينة. من ناحية أخرى نقلت ذات المصادر عن شهود عيان أن انفجارات هزت ضاحية صلاح الدين شرق طرابلس ليلة الجمعة بعدما شن التحالف الغربي غارات جديدة استهدفت موقعا عسكريا بالعاصمة الليبية.