فتحت العبارات التي استعملها المدرب الوطني المستقيل، عبد الحق بن شيخة، لحظة إلقائه خطاب الوداع للاعبين في فندق بالميري غولف بالاس، وهو يذرف الدموع، ساعتين بعد نهاية مهزلة مراكش، باب التأويلات واسعا، لاسيما عندما قال لهم، حسب مصدر حضر الاجتماع، بصريح العبارة ''نوّكل ربي على كل من لم يعمل معي بإخلاص''. تصريحات المدرب الوطني المستقيل عبد الحق بن شيخة في الندوة الصحفية التي أعقبت الهزيمة الثقيلة أمام المغرب، وكذا خطاب الوداع الذي ألقاه على اللاعبين، جعلت العديد من المتتبعين يشتمون رائحة المؤامرة، وكأن في الأمر ''إن''، خاصة أن مؤشرات عديدة أظهرت للجميع، خلال ال90 دقيقة، أن المغرب لم يكن بالمنتخب القوي، بل المنتخب الجزائري هو الذي بدا ضعيفا إلى درجة لم يتوقعها رفاق مروان الشماخ، بشهادات جميع اللاعبين الذين التقيناهم بعد المقابلة في غرف تغيير ملابس ملعب مراكش. بعد أن صرح في الندوة الصحفية أنه يفضل تحمل المسؤولية بمفرده وتجنيب اللاعبين المسؤولية حفاظا عليهم، قال بن شيخة للعناصر الوطنية في الفندق: ''ليعلم الجميع أنني عملت بكل إخلاص وضحيت بكل ما أملك لإنجاح مهمتي على أحسن ما يرام، حتى يتسنى للمنتخب قول كلمته في هذه التصفيات، لكن شاءت الأقدار أن ننهزم بهذه الطريقة، فهذه هي حياة المدرب، يوم في السماء ويوم في الحضيض، لكن أوكل ربي على كل من لم يعمل بإخلاص''. بن شيخة كان مقتنعا بالخيانة هذه العبارة فسرتها أطراف عديدة بأنها بمثابة رسالة مشفرة، حاول المدرب الوطني تمريرها لمن ''خانوه'' في ال90دقيقة، وهو الأمر الذي اقتنع به المدرب المستقيل، خاصة في رده على سؤال في الندوة الصحفية التي عقدها رفقة غيرتس، حول هل يعقل أن يجري السعيدي بالكرة في الهدف الثالث لأكثر من 40 مترا دون أن يتصدى له ولا لاعب واحد''، حيث كان رده: ''لم أفهم أي شيء، فهذه أخطاء ليست بدائية فحسب، بل لا تغتفر إطلاقا في مباراة بهذا الحجم''. خروج يبدة يثير التساؤلات التغيير الذي أجراه المدرب الوطني في بداية المرحلة الثانية، وبالأخص عندما أخرج لاعب وسط الميدان، حسان يبدة، هو أيضا مؤشر لما سبق ذكره، لأن الجميع تفاجأ لهذا التغيير المبكر، خاصة أن يبدة ليس اللاعب الوحيد الذي بدا تائها في المقابلة، بدليل أن كل اللاعبين كانوا خارج الإطار. كل هذه المعطيات تجعلنا نتأكد أن هناك أمورا عديدة في الكواليس ساهمت في سقوط المنتخب الوطني في مراكش سقوطا حرا، لأن الجميع يدرك أن هناك كتلا خفية في المنتخب، ومن يتجرأ على فك هذه الكتل سيكون مصيره الاستقالة أو الإقالة، وهو ما حدث لبن شيخة ولسابقه الشيخ رابح سعدان. سيناريو بلحاج الضجة التي أحدثها المدافع الأيسر نذير بلحاج في تربص مورسيا بإسبانيا، هي الأخرى مؤشر على نكسة حتمية، بدليل أن بلحاج وعلى عكس التصريحات التي أدلى بها رئيس الفاف وبن شيخة وحتى اللاعب نفسه، فإنه حقا كان ينوي مقاطعة المنتخب متحججا بالإصابة، لكن رئيس الفاف محمد روراوة هدده بأمور عديدة وصلت إلى حد ''التخلاط'' في مشواره الكروي بالخليج، ومن ثمة تراجع بلحاج عن قراره وانضم إلى الخضر ''مكرها''. كما أن الظهور المحتشم ليبدة الذي أشاد به الصغير والكبير في نابولي بالنظر إلى ''حرثه'' للميادين الكروية الإيطالية لينال إعجاب المدرب والرئيس، هو الآخر يمكن إدراجه في خانة ما نقول، لأن يبدة، في ال45 دقيقة الأولى التي لعبها، لم يكتف بعدم القيام بواجبه، بل بدا خائفا على ''رجليه'' من تلقي الإصابة، وهو ما جعله لا يدخل في الصراعات الثنائية. شعار ''نلعب أو نحرم'' دخول المدافع عنتر يحيى أساسيا في التشكيلة وبقاء إسماعيل بوزيد في الاحتياط، رغم أن الجميع كان يتوقع دخول الثاني، باعتبار أن الأول وبالنظر إلى المباريات السابقة التي لعبها لا يحسن المراقبة اللصيقة للمهاجمين، كما أنه في العديد من المرات يبدو تائها في التمركز (الهدف الأول الذي أمضاه المنتخب المصري يوم 14 نوفمبر بمصر، خير دليل على ما نقول، حتى لا نتحدث عن أخطائه في الأهداف الأربعة التي تلقاها المنتخب في مراكش). وفي هذا السياق، وحتى نكون صادقين، فإن بن شيخة قبل المقابلة فكر كثيرا في إقحام عنتر يحيى كاحتياطي، لكن تخوفه من ''الكتلة'' التي ينتمي إليها عنتر وكذا أوامر ''فوقية''، جعلته يتراجع عن فكرته ويقحمه كأساسي. لسنا هنا بصدد تبرئة المدرب عبد الحق بن شيخة من مسؤولية ما حدث، لأنه كان بإمكانه كشف الحقيقة في وقتها، لكنه فضل انتهاج نفس سياسة سابقه رابح سعدان، الذي لايزال بالمناسبة يرفض كشف المستور، لأنه على دراية بأنه لو نطق بكلمة لانفضحت أمور كثيرة.
الفاف تجتمع غدا لدراسة أحد الملفين استقالة ''الرئيس''أو رفض استقالة ''الجنرال'' برمج المكتب الفدرالي للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، غدا الأربعاء، اجتماعا قد تتخذ فيه قرارات حاسمة، بعد الهزة العنيفة التي ضربت المنتخب الوطني في مراكش بانهزامه برباعية كاملة، وبخروجه المبكر من سباق التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا لعام 2012 الخاصة بالمجموعة الرابعة. وقد تضاربت معلومات مصادرنا بشأن فحوى هذا الاجتماع، حيث كشفت لنا بعض المصادر أن الرئيس محمد روراوة سيعلن، خلال هذا الاجتماع الذي لم يحدد بعد مكان انعقاده، استقالته من رئاسة الاتحادية وتكليف عضو سينوب عنه لإتمام المهمة إلى غاية الجمعية العامة للفاف القادمة، في حين أكدت مصادر أخرى أن المكتب الفدرالي للفاف، خلال هذا الاجتماع، وبإيعاز، تضيف مصادرنا، من رئيس الفاف، سيقرر عدم قبول استقالة المدرب عبد الحق بن شيخة، باعتبار أن روراوة، وحسب ذات المصادر، تلقى ضغوطات لعدم قبول استقالة المدرب عبد الحق بن شيخة، خصوصا أنها جاءت مشابهة إلى حد بعيد للسيناريو الذي عاشه سابقه رابح سعدان. أما مصادر أخرى، فقد أفادت بأن المكتب الفيدرالي للفاف سيحاول، خلال هذا الاجتماع، دراسة بعض السير الذاتية لمدربين أجانب على أمل إقناع أحدهم بالإشراف على العارضة الفنية، حتى وإن كان اسمي هاليلوزيتش وتروسيي مطروحين بقوة.