تؤكد الإحصائيات الرسمية أن أكثر من ستة آلاف شخص يوجدون رهن الحبس المؤقت، بموجب أوامر أصدرها قضاة التحقيق على مستوى مختلف الهيئات القضائية عبر الوطن، وذلك من أصل أزيد من 55 ألف سجين في البلاد، الأمر الذي اعتبره أمين عام نقابة القضاة، جمال عيدوني، رقما منطقيا، باعتبار أن نسبة الأشخاص الصادرة في حقهم هذه الأحكام لم تتعد 11 في المائة. وحسب السيد جمال عيدوني الذي أدلى بتصريح ل''الخبر'' أمس، فإن ''أوامر الحبس المؤقت التي يصدرها قضاة التحقيق من اختصاص الهيئة القضائية لوحدها، ولا يجوز لأي كان التدخل فيها تحت أي ظرف، باعتبار أنها خاضعة للسلطة التقديرية للقاضي بقوة القانون، وهو الوحيد الذي يفصل فيها حسب الملف الموجود أمامه''، مضيفا بأن ''عدد الأشخاص المحبوسين احتياطيا في مختلف المؤسسات العقابية عدد طبيعي وغير مُغال فيه مثلما يدعي البعض، بالنظر إلى التطور الذي تعرفه الجريمة في المجتمع، والانتشار المتواصل للصوصية، بل بالعكس هناك نوع من التسامح في بعض الأحيان''، على حد قوله. وأضاف السيد عيدوني، تعليقا على أصوات لجان حقوق الإنسان التي توجه انتقادات مستمرة لشريحة القضاة على هذه المسألة، بأن ''جميع المتهمين متساوين بمنظار العدالة ولا يمكن للقاضي أن يميز بين مجرم وآخر''، في إشارة ضمنية منه إلى أن هذه الانتقادات تهدف إلى استثناء البعض من أوامر الحبس المؤقت التي تستدعيها التهم المتابعين على أساسها، مضيفا بأنه ''من غير المعقول أن يتم تعطيل هذا الإجراء القانوني ضد أشخاص يرتكبون جرائم شنيعة ويستبيحون أعراض وأموال الناس، وإلا سنكون أمام غابة الغلبة فيها للأقوى''. ويعيب عيدوني على أصحاب فكرة إسراف القضاة في إصدار أوامر الحبس المؤقت اهتمامهم بحقوق المحبوسين وإهمالهم لحقوق الضحايا، مضيفا بأن ''القاضي مقيد بالقانون الذي يمنح له السلطة التقديرية لإصدار الأوامر والأحكام التي يراها مناسبة ولا يمكن بأي حال من الأحوال إجراء مقارنة أو إسقاط بيننا وبين ما هو جار في دول أخرى، لأن تطور الجريمة يختلف من دولة لأخرى، وهي غير قابلة للمقارنة''. وقد كان التقرير الأخير للجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، قد استنكر الإفراط في إصدار أوامر الحبس المؤقت من قبل قضاة التحقيق، الأمر الذي أثار حفيظة وزير العدل حافظ الأختام الذي اعتبر النسبة طبيعية، وهو ما تصر اللجان الحقوقية على معارضته، حيث جدد الأستاذ بوشاشي تأسفه لاستمرار الظاهرة التي ما فتئت تتفاقم من سنة لأخرى الأمر الذي زاد من حدة الاكتظاظ داخل المؤسسات العقابية.